وعرضت على الحضور - وكانوا من أكابر أهل المدينة وعلمائها وأدبائها - رأيى في " مدارس المعجمات العربية " وعددهن، فقال السيد الجليل علي حافظ: هذا شئ جديد أسمعه لاول مرة، ولم أقرأه في كتاب أو صحيفة. وأيده من حضروا، ثم علم برأيي هذا الامام اللغوي الشيخ عبد القدوس الانصاري، وسألني فأجبته، فسر وهنأني وقال: هذا جديد مبتكر غير مسبوق إليه. ومعروف أن الامام الانصاري حجة العربية، وأول سعودي كتب في اللغة بحوثا رائعة، وما يزال - مد الله في عمره - من أئمة العربية في هذا العصر، ومن أعظم الغير على الفصحى: لغة القرآن ومحمد ﵊ (١) . وإذا كانت " مقدمة الصحاح " قد طبعت سنة ١٣٧٥ هـ (١٩٥٦ م) فإن رأيي في تقسيم المعجمات العربية إلى مدارس قد سبق ظهور المقدمة بخمس عشرة سنة. والثابت ظهور رأيي في مدارس المعجمات على نطاق العالم العربي والاسلامي ومحافل الاستشراق والمعنيين بالعربية قد كان سنة ١٣٧٥ م (١٩٥٦ م) في " مقدمة الصحاح " فكان رأيي في مدارس المعجمات وقسمها أول رأي في هذا السبيل. ويعلم الدكتور بكري أنه لا يقال " درج " إلا فيما عرف واشتهر، وما كان هذا التقسيم معروفا قبل مقدمة الصحاح التي طبعت مستقلة في كتاب بعنوان " الصحاح ومدارس المعجمات العربية " الذي طبع طبعتين: إحدهما بالقاهرة، والاخرى ببيروت. وأما قول الدكتور بكري: " وجاء الباحثون السعوديون فأقروا شيئا من هذه التقسيمات وأنكروا شيئا آخر " فالذي أعرفه نقيض قوله، فما ثم باحثون سعوديون أقروا شيئا من هذه التقسيمات وأنكروا شيئا آخر. وإذا أراد الدكور بالباحثين السعوديين حمد الجاسر وكاتب هذه السطور فليس للجاسر رأي في مدارس المعجمات، وإنكاره على الجوهري ابتكار منهج الصحاح لا يغير من هذه المدارس شيئا، فهن كما هن حسب التقسيم الذي رأيته. وأما قوله: " فلقد أثبت الشيخ حمد الجاسر في عدد من الابحاث العميقة التي نشرها في مجلته " العرب " في أعداد سنتها الاولى أن أبا بشر اليمان بن أبي اليمان البندنيجي المتوفى سنة ٣٨٤ هـ (٨٩٧ م) سبق الجوهري في منهج التقفية بمائة سنة، لان الجوهري توفي سنة ٣٩٣ هـ (١٠٠٢ م) وأتى بالادلة المادية، والصور الفوتوغرافية لمخطوط البندنيجي
_________
(١) توفي الامام الانصاري بمستشفى الحرس الوطني بقرية أم السلم بطريق جدة - مكة، وكانت وفاته يوم الاربعاء ٢٣ جمادى الاخرة ١٤٠٣ هـ (١٦ أبريل ١٩٨٣ م) ودفن بمكة المكرمة بالمعلى.
1 / 14