هذا بعض مما لاقاه الصحفيون من فساد الحكم أيام الوزارات التي سبقت الثورة.
الفصل الخامس
الإعلانات في الصحف
ليس شك في أن الإعلانات التجارية والصناعية والترويحية تنفع القراء وترشدهم، فإن ربة البيت تعرف منها ما يجد من المخترعات التي تخفف الأعباء المنزلية، كما يجد جمهور القراء فيها دليلا عن المسارح والدور السينمائية ونحوها، وهذا غير ما يجده كل منا بشأن لباسه وطعامه وسكناه وسائر حاجاته.
والإعلانات، من زاوية أخرى، تخدم الروح وتزيد الاستهلاك، فلا تركد حركة الأسواق.
ثم هي بعد ذلك تصل بين الصحيفة وبين حركات الإنتاج في شتى السلع، فهي من هذه الزاوية تنطوي على عوامل تنويرية لمحرري الصحف أنفسهم لأنها تدلهم على الأحوال الاقتصادية المتغيرة المتطورة.
وفي نظام إنتاجي مثل نظامنا الحاضر يقوم على المباراة، تحتاج المتاجر إلى الإعلان، وأقرب الوسائل إلى ذلك هو الصحيفة؛ ولذلك أصبحت الإعلانات أعظم الموارد لحياة الصحيفة، حتى لقد عرف أحد المتهكمين الصحف، جرائد ومجلات، بأنها «أوراق» قد كتبت عليها إعلانات وفي ظهر هذه الإعلانات أخبار.
وعندما نتصفح إحدى جرائدنا الكبرى، مثل الجمهورية أو الأخبار أو الأهرام أو الشعب، غير المجلات الأسبوعية العديدة، نجد أن مقدار الورق أحيانا يزيد ثمنه على الثمن الذي تباع به الجريدة أو المجلة، وعلة ذلك هي الإعلانات؛ لأن قيمة الإعلان تعوض الدار الصحفية وتجعل الخسارة في ثمن الورق كسبا في قيمة الإعلان.
ونحن القراء نضيق أحيانا بكثرة الإعلانات، ولكن الجريدة التي تبلغ صفحاتها 16 أو 20 صفحة لا يمكن أن تباع بأثمانها الحاضرة لولا هذه الإعلانات العديدة التي تسد النقص في أبواب أخرى من نفقات الصحيفة.
وقد حاول أحد الصحفيين الأمريكيين أن يتحدى القواعد الصحفية في الولايات المتحدة فأصدر صحيفة في واشنطن كان يبلغ عدد صفحاتها 16 (في نصف قطع جرائدنا اليومية)؛ فلم يعتمد في عدد واحد على سطر من الإعلانات، ولكنه وقفها بعد أقل من سنتين لوفرة ما خسره في إصدارها من مال، وصحيح أن الجمهور عند صدورها أقبل عليها، ولكنه عزف عنها بعد ذلك، لأنه وجد أن الجرائد التي تستعين بالإعلانات تتوسع في عدد صفحاتها وتزيد من أخبارها وسائر مرافقها وخدماتها الصحفية أكثر مما تستطيع جريدة بلا إعلانات.
Неизвестная страница