المجلد الأول
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يسّر وأعن
قال الشيخ الإمام، العالم، العلامة، شمس الأعلام، لسان المتكلمين، أوحد العلماء العاملين، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي ﵀: الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، حمدًا إذا قابل النعم وفَى، وسلامًا إذا بلغ المصطَفين شفَى، وخصّ الله بخاصة ذلك نبينا المصطفى، ومن احتذى حذوه من أصحابه وأتباعه واقتفى، وفقنا لسلوك طريقهم فإِنه إذا وفّق كفى.
كتاب "حلية الأولياء"
أما بعد: فإِنك الطالب الصادق، والمريد المحقق لمّا نظرتَ في كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني أعجبك ذكر الصالحين والأخيار، ورأيته دواء لأدواء النفس، إلا أنك شكوتَ من إطالته بالأحاديث المسندة التي لا تليق به وبكلامٍ عن بعض المذكورين كثير قليل الفائدة، وسألتَني أن أختصره لك وأنتقي محاسنه، فقد أعجبني منك أنك أصبتَ في نظرك، إلا أنه لم يكشف لك كل الأمر، وأنا أكشفه لك فأقول:
مساوئه:
اعلم أن كتاب الحلية قد حوى من الأحاديث والحكايات جملة حسنة إلا أنه تكدّر بأشياء وفاتته أشياء.
فالأشياء التي تكدر بها عشرة:
الأول: أن هذا الكتاب إنما وضع لذكر أخبار الأخيار، وإنما يراد من ذكرهم شرْح أحوالهم وأخلاقهم ليقتدي بها السالك، فقد ذكر فيه أسماء جماعة ثم لم ينقل عنهم شيئًا من ذلك، ذكر عنهم ما يروونه عن غيرهم أو ما يسندونه من الحديث، كما ملأ ترجمة هشام بن حسان بما يروى عن الحسن، وتلك الحكايات ينبغي أن تدخل في ترجمة الحسن لا في ترجمة هشام، وكذلك ملأ ترجمة جعفر بن سليمان بما يروى عن مالك بن دينار ونظرائه، ولم يذكر له عنه شيئًا.
1 / 9