يريد بها إلا وجه الله وحده، ولا يرجو بها إلا ثوابه إلا عرض هشامٌ من دونها فثقلها وكرهها وأدار القياس فيها وضرب لها الأمثال وألقى الحيلة فيها إلى الكاتب والحاجب وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين ومدحني بما لا يسمع به من أخلاقي وانتقصني فيما لا يطمع بغيره مني ليكون ما أظهر من المدحة مصدِّقًا لما أسر من العيبة ثم زخرف ذلك بالموعظة وزينه بالنصيحة وقاربه بالمودة وأغراه من ناحية الشَّفقة وشهد عليه أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة إن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين فإذا الحاجب يزلقني ببصره وإذا الكاتب يسلقني بلسانه وإذا الخادم يعرض عني بجانبه وإذا الوالي ينظرني نظر المغشي عليه من الموت فصارت وجوه النفع مردودة، وأبواب الطمع مسدودة، وأصبح الخير الذي كنت أرجوه هشيما تذروه الرياح والصلة التي كنت أشرفت ليها صعيدًا زلقًا وأصبح ماؤها غورا فما أستطيع له طلبًا فأسأل الذي جعل لكل نبي عدوًّا من المجرمين أن يكفيني شره ويصرف عني كيده فإنه يراني هو وقبيله من حيث لا أراهم. والسلام.
وله إلى يزيد بن منصور - عامل أبي جعفر المنصور على اليمن وقدم إلى صنعاء في أول سنة أربع وخمسين ومئة فأقام بها باقي خلافة المنصور وسنة من خلافة المهدي وكان قدومه بعد الفرات بن سالم: أما بعد فإنه قدم عليَّ كتاب من الأمير حفظه الله مع رسوله نعمان الهمداني يأمرني أن أبعث إليه بفرض الفرات بن سالم - يريد بالفرض شيئًا كان فرضه على أهل اليمن - وأنا أخبر الأمير أكرمه الله أنه كان قدم علينا قبل كتابه كتاب الله تعالى مع رسوله محمد ﷺ يأمرنا فيه أن نفرق ما جمع الفرات وأن نهدم ما بنى، وأن نوالي من عادى وأن نُعادي من والى، ونظرت في الرسالتين وقست بين الرسولين بغير تحيز عرض ولا لشبهة بحمد الله دخلت فرأيت أن لا انقض ما جاء به محمد بن عبد الله لما قدم به النعمان لعنه الله وغضب
1 / 59