Сиддика Бинт Сиддик

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
57

Сиддика Бинт Сиддик

الصديقة بنت الصديق

Жанры

وكانت إذا فرغت من تلقين الأحاديث وجواب السائلين تأوي إلى الصلاة والتسبيح في جوار الضريح، أو تعمل في مهنة البيت ذلك العمل الذي كان النبي - عليه السلام - يسرها بمساعدتها فيه.

ومن أهم الأشياء التي ينبغي أن تلاحظ في حياة السيدة عائشة بعد النبي - عليه السلام - أنها قضت خلافة أبي بكر وعمر وهي لا تشعر بأن مكانها في عهد النبي قد تغير أو بأن أمرا من أمور السياسة العامة يدعوها إلى التعرض له راضية أو ساخطة، حتى كانت خلافة عثمان فتغيرت هذه الحال، وكان لتغييرها دلالة كبيرة وأثر كبير.

ففي عهد أبي بكر كانت أمور السياسة العامة تجري على أحكام الدين، وتركن منه ومن أصحابه إلى سند ركين، وكان الخليفة أباها وهو أول من يدعوها بأم المؤمنين.

وفي عهد عمر كانت أمور السياسة العامة تضطرب أو تسكن، ولكنها في كلتا الحالتين لا تنشعب ولا تؤذن بانصداع، وكان عمر أهيب خليفة عرفه الإسلام وأحب خليفة إلى عائشة رضي الله عنها. سرت صداقة الأبوين أبي بكر وعمر إلى بنيهما فكانت عائشة وحفصة أصدق صديقتين تتفقان وتتكاشفان كلما وقع الخصام في بيت النبي عليه السلام، وحفظت له أجمل الشكر لموقفه من حديث الإفك حين شاوره النبي فقال له: إن الله هو الذي زوجكها وإنه سبحانه وتعالى لم يدلس بها عليك. وتم هذا الشكر حين ولي الخلافة فرعى لها المكانة الأولى بين المسلمين، وخص بيت النبي بالحصة العليا من الحفاوة والعطاء.

فمضى العهدان - عهد أبي بكر وعمر - وليس في الحياة الخاصة ولا في الحياة العامة ما يشعرها بتغيير أو ينزع بها إلى نوازع السياسة، وما تعارض منها أو جنح إلى التحزيب والتأليب.

ثم تغيرت الأمور في عهد عثمان، ولولا هذا التغيير لما عرف للسيدة عائشة نصيب من السياسة العامة بعد موت النبي، وهو الموقف الذي تحولت بها الأحوال إليه بعد اجتناب السياسة العامة قرابة عشرين سنة، على غير سابقة له في سيرتها الأولى.

في السياسة العامة

قلنا في الفصل السابق إن السيدة عائشة لم تقض حياتها فارغة خلال السنين الطوال التي انقضت بعد وفاة النبي عليه السلام؛ «لأنها في حدة نفسها ورفعة مكانها لا تقبل الفراغ».

فأما حدة نفسها، فمن السهل بعد إلمامة يسيرة بمزاجها وتكوينها الذي يشبه تكوين أبيها أن نعرف كيف يتعذر الفراغ على هذه السليقة الحية التي نشط بها المزاج العصبي، ولم يقعد بها الترهل والإعياء.

وأما رفعة مكانها، فهي أحرى أن تشغلها عن الفراغ مريدة له أو غير مريدة؛ لأنها تعودت أن يؤبه لها طوال حياتها، ولم تتعود قط أن تكون غفلا في بيئتها، وهي أرفع بيئة بين قومها.

Неизвестная страница