Сиддика Бинт Сиддик
الصديقة بنت الصديق
Жанры
ومما يروى أنها أنشدته في تلك الساعة، وهي ولهى لفراق أبيها:
وكل ذي غيبة يئوب
وغائب الموت لا يئوب
ويؤخذ من بعض ما نقل عنها أنها كانت تسمع شعر زهير وتعجب به، فقالت لإحدى بناته فيما روى الهيثم بن عدي: «إن الحلل التي كساها أبوك هرما لم يبلها الدهر.»
على أن الفهم والحفظ ملكتان معروفتان للسيدة عائشة كثرت أو قلت الشواهد الشعرية التي وصلت إلينا من أخبارها.
فحسبها أنها قد روت للنبي - عليه السلام - أكثر من ألفي حديث في مختلف المسائل التي تدخل فيها الأحكام الشرعية، والعظات الخلقية، والآداب النفسية، والأصول التي يرجع إليها في الدين والعبادة.
بل حسبها أن يثبت لها عشر هذا العدد من الأحاديث النبوية ليثبت لها أنها كانت تفهم وتعي وتحسن الحفظ فيما تنقله بحروفه، كما تحسن التعبير فيما تحكيه بكلامها، وأنها تحيط في فهمها وحفظها بكل ما أحاطت به الأحاديث من المعارض والمناسبات.
ومع هذا يروي الثقات أنها كانت تحفظ وتفقه وتفسر، ولا يقتصر علمها على وعي الكلمات والعبارات. قال أبو موسى الأشعري: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها علما فيه. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال مسروق الهمداني: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال عروة بن الزبير: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة.
ومن الأحاديث التي ترفع إلى النبي أنه قال: «خذوا شطر دينكم عن هذي الحميراء»، وهو حديث لم يثبت بالسند الصحيح، ولكن الحق الذي لا مراء فيه أن المسلمين قد عرفوا الكثير من أمر نبيهم وأمر دينهم من أحاديث عائشة عن زوجها المحبوب عليه السلام.
ولا ريب أنها كانت تقتدي بأبيها في حفظ الأخبار والأنساب، كما كانت تقبس من ميراث أخلاقه وطباعه وملكاته، ويستفاد من بعض المنقول عنها أنها كانت تواقة إلى معرفة كل ما نعرف من تواريخ الأمم غير قانعة بأخبار الأمة العربية، ولا بالأخبار التي تعنيها خاصة كأخبار النبي والصحابة والعشيرة الإسلامية، ومنها خبر النجاشي حين هاجر المسلمون إلى بلاده فأوفد إليه المشركون جماعة منهم يحملون إليه الغوالي والنفائس ليبطش بأولئك المهاجرين أو يردهم إلى قومهم، فقال: «ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة منه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه.»
Неизвестная страница