Сиддика Бинт Сиддик
الصديقة بنت الصديق
Жанры
ومهما يكن من الرأي في موقف العصور الحديثة من المرأة - وهو ما نعرض له في ختام هذا الكتاب - فالذي لا ريب فيه أن الإسلام قد رفعها درجات فوق أرفع منزلة بلغتها بين العرب أو بين الأمم الأخرى، وأن المسلم الذي يعمل بدينه يوليها من البر فوق ما طلبته لنفسها، لو أنها كانت في زمان يطلب فيه النساء لأنفسهن حقا من الحقوق. •••
ولم تكن تلك غاية المرتقى، فإن الفرائض الدينية تطاع ولا تطاع، وهي على هذه موكلة بالتعميم الذي يستوي فيه جميع المسلمين المخاطبين بالتكليف، وإنما طاعة التكليف فضيلة تعلوها فضائل الاختيار والرغبة والاشتياق إلى الإنجاز، كأن الإنجاز هو المثوبة التي تغني عن المثوبة الموعودة، وها هنا تتفاوت المراتب، وتترقى الفضائل من التعميم الشائع إلى الامتياز والرجحان، وتستبق النفوس حتى يكون العمل المفروض أمنية محبوبة يؤلم النفس أن تعاق دونها، ولا تبلغ الغاية منها.
وتلك عليا مراتب الأنبياء، وهي المرتبة التي سما إليها صاحب الدعوة الإسلامية بما تهيأ له من تمام الأريحية الإنسانية، وملاك الفطرة النبوية.
فالحق أن محمدا - عليه السلام - لم يفرض على نفسه الشريفة محاسنة المرأة كما تفرض الأوامر السماوية على من يطيعها ولا مسرة له في طاعتها، ولكنه حاسنها فطرة كما حاسن كل مخلوق حي ولا سيما الضعفاء، وجعل البر بها مقياس المفاضلة بين أخلاق الرجال، وعنوان المنافسة في طلب الخير والكمال، فقال غير مرة: «خيركم خيركم للنساء.»
وبلغ من ذلك أنه يأوي إلى البيت «فيكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة»، وأنه استحب خدمة الزوجة في منزلها فقال: «خدمتك زوجتك صدقة» وكان أكيس رجل في معاملة أهل بيته، يشفق أن يرينه غير باسم في وجوههن، ويزورهن جميعا في الصباح والمساء، وإذا خلا بهن «كان ألين الناس، ضحاكا بساما» كما قالت عائشة رضي الله عنها.
ومن المبالغات المألوفة في تناهي الرحمة أن يقال: «إنه أرحم به من أمه وأبيه».
لكنه - عليه السلام - كان حقا أرحم بأهله من آبائهن وأمهاتهن حتى الذين اشتهروا بالحدب الشديد على ذوي الرحم كأبي بكر الصديق رضوان الله عليه.
ففي الأحاديث عن عائشة أنها قالت: «كان بيني وبين رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كلام. فقال: من ترضين أن يكون بيني وبينك؟ أترضين بأبي عبيدة بن الجراح؟ قلت: لا، ذلك رجل هين لين يقضي لك. قال: أترضين بأبيك؟ قلت: نعم. فأرسل إلى أبي بكر فجاء، فقال: اقصصي! فقلت: بل اقصص أنت ... فقال: هي كذا وكذا ... فقلت: اقصد! فرفع أبو بكر يده فلطمني، وقال: تقولين يا بنت أم رومان: اقصد؟ من يقصد إذا لم يقصد رسول الله؟ فجعل الدم يسيل من أنفي، وقال رسول الله
Неизвестная страница