Коммунизм и гуманизм в законе ислама
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Жанры
ووسائل الإنتاج تارة أخرى هي الطبقة المستولية على المجتمع، حيث يقول في البيان المشترك الذي كتبه مع «فردريك إنجلز» وقيل عنه: إنه أهم في بيان الشيوعية من كتاب رأس المال: «إن الطبقة البرجوازية لا يمكنها أن توجد بغير تطور دائم في أدوات الإنتاج يغير علاقات الإنتاج، ويغير من ثم علاقات المجتمع بأسره.»
أما في كتاب «رأس المال» فيكفي أن تعرف آلة من آلات الزمن القديم؛ لتبني عليها تركيب المجتمع كله، وفي هذا المعنى يقول في الجزء الأول: «إن آثار آلات العمل الغابرة تؤدي للباحث في جميع أحوال المجتمع الاقتصادية التي مضت مهمة كالتي تؤديها عظام الحفريات للباحث عن أنواع الحيوان المنقرضة، وليست آلات العمل هي المميزة بين الأدوار الاقتصادية، بل كيفية صنعها والأدوات التي صنعتها هي التي تميز لنا تلك الأدوار، وإن أدوات العمل لا تبين لنا درجة التطور الذي بلغه العمل الإنساني وحسب، بل هي دلائل على الأحوال الاجتماعية التي يجري فيها العمل.» •••
وهذه العبارات وما في معناها تتفرق في كتابات «كارل ماركس» وزميله «فردريك إنجلز» وأقطاب الشيوعية بمثل هذا التناقض أو أشد منه، كما سنرى عند البحث في مواضعها من هذا الكتاب، وكلها لا تنجلي عن موقف محدود في هذه المشكلة الخطيرة التي تقف بنا بين ضفتين: هذه للهدى والفلاح، وهذه للضلالة والخسارة بلا هوادة بينهما ولا شفاعة ولا سلام.
فهل طاحون الهواء هي التي تعطينا أرباب الإقطاع، وطاحون البخار هي التي تعطينا أرباب رأس المال؟ أو أن الأمر على نقيض ذلك، والطبقة الاجتماعية هي التي تخلق آلاتها وتتطور بها على حسب أطوارها؟ إن كانت الآلة هي الحكم في وسائل الإنتاج ومصائر الجماعات، فالإدارة الإنسانية أحط من الآلة الصماء؛ لأنها - بنتائج عملها - آلات في أيدي الآلات. وإن كانت الطبقة الاجتماعية هي التي تخلق آلاتها وتتولى أطوارها، فمن الواجب إذن أن نتجه بالبحث إلى نفس الإنسان أو نفوس الناس، ولا محل إذن لكل هذه الطنطنة بالإنتاج والمباحث العلمية في الإنتاج والأدوار التاريخية التي نحصرها في وسائل الإنتاج.
ولا بد من الفصل بين القولين؛ لأن القول بأحدهما نقيض القول بالآخر، وترك الأمر فيهما بغير فاصل محدود خليق أن يدور بنا حتما في متاهة خفية بين الحد الذي تبتدئ منه الإرادة الإنسانية، والحد الذي تنتهي إليه وتسلم المصير كله للآلات والمكنات.
ولا ينفعنا أن نلفق هذه البداية وهذه النهاية في أعماق الطبيعة البشرية أو في معادن الآلات الصناعية؛ لأننا إذا لفقنا الخليطين المشتركين في الإنتاج بقي أمامنا أن نعرف كيفية صنع الآلات ، وأن نعرف الكيفية التي يدار بها كل نمط منها في نظام بعد نظام.
ومن حق كل قارئ أن يقول لدعاة الشيوعية: إنني أريد منكم حدودا واضحة في هذا الأمر الخطير؛ لأنكم تدعونني إلى هدم العالم بلا هوادة ولا إصغاء إلى قول غير الذي تقولون أو رأي غير الذي ترون، فلا أقل من اليقين قبل الهجوم على هذه الغاية التي لا رجعة فيها.
ولكن طبيعة الدعوة المبنية على الضغينة وشهوة الدمار إنما تلوح لنا في طبيعة المستجيبين لذلك الهذر الملقى إليهم باسم العلم والدراسة الواقعية، فإنهم لا يستجيبون له إلا إذا كانوا قد وضعوا في أذهانهم أن يهدموا أولا، وأن يستمعوا لصوت الهدم قبل كل صوت، ثم يأتي الإقناع أو لا يأتي بعد ذلك فهما لديهم مستويان.
والواقع أنهم يقدمون على الهدم لأقل من ذلك الخلاف بين المعسكرين، معسكر الشيوعية ومن ينكرونها كل الإنكار.
يقدمون على الهدم، ويصرون عليه، ولا يتلفتون لاحتمال الصواب، كلما اختلفوا على التفصيلات الصغيرة التي يختلف عليها أتباع كل مذهب متفقين على جملة الأصول، يقدمون على الهدم ويصرون عليه، ولا يتركون متنفسا لاحتمال الصواب في المخالفة كلما اختلفوا على التفصيلات الصغيرة التي يختلف عليها أتباع كل مذهب متفقين على الأصول، ومن أقطابهم - نظراء «كارل ماركس» في مقامه بينهم - داعية البلشفية «لينين» وحامل العلم في قيادة الثورة الروسية، فإنه خولف قبل الثورة في بعض تفصيلات الدعوة يوم انقسم البلشفيون والمنشفيون، ثم اجتمع مؤتمر ستوكهلم للتوفيق بين الفريقين، فأذعن «لينين» لقراره، ثم ناقضه بالحملة على المنشفيين في اللحظة الأولى، وأعلن هذه الحملة قبل أن تنقضي على القرار بضعة أسابيع، وانعقد مجلس الحزب لمحاكمته على سوء مسلكه مع أعضاء حزبه، فتقبل المحاكمة وحضر للدفاع عن مسلكه، فاعترف بخروجه في لهجته عن آداب الخطاب بين أعضاء الحزب الواحد، ولكنه قال كما جاء في المجلد الثالث من مختاراته: «إنه لا يعتبر مخالفيه أعضاء في حزبه، بل يعاملهم معاملة الأعداء ويتخذ في مناقشتهم أسلوبا مقصودا؛ لإثارة البغضاء والنفور والازدراء، مقصودا لغير الإقناع، بل لتحطيم الصفوف، أو مقصودا لغير تصحيح الخطأ، بل للإتلاف ومحو الخصم من على ظهر الغبراء.
Неизвестная страница