Коммунизм и гуманизм в законе ислама
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Жанры
واحمر وجه «ويتلنج» الأصفر وأصبح كلامه حاميا مباشرا، وقال بصوت يرتعش من الهياج: «إن الرجل الذي ينجح في جمع مئات من الرجال إلى نداء العدل والتضامن والمحبة الأخوية، لا يمكن أن يوصف بأنه رجل خاو ذو دعاية فارغة، وإنه يستطيع أن يعزي نفسه أمام الحملة التي تنصب عليه تلك اللحظة، بذكر المئات من الرسائل الشاكرة والبيانات الراضية التي تقاطرت عليه من بلاده، وإن جهوده المتواضعة في خدمة المصلحة المشتركة لأهم من التخريجات النظرية الدقيقة التي تبتعد كثيرا عن ناحية الشعب المهضوم والجماهير المظلومة.» «وثارت ثائرة» «ماركس» بعد سماع هذه الكلمات الأخيرة فضرب المائدة بقبضة يده ضربة عنيفة هزت المصباح عليها، ووثب محنقا وهو يصيح: «إن الغباء لم يسعف أحدا قط.» «واقتدينا به فنهضنا وقوفا وانتهت الجلسة بذلك.»
وقال «أنينكوف»: «إنه أسرع إلى توديع «ماركس»، وتركه حين انصرف من الحجرة وهو في هياجه يذرعها جيئة وذهوبا.»
وواضح من هذا المحضر أن العامل المغضوب عليه فوجئ بالمحاكمة وبالحكم في وقت واحد، وختمت حياته السياسية في رأي زمرته لغير مخالفة تستطيع أن تحاسبه عليها؛ لأنها لم تبسط أمامه خطة مقررة يحاسب على مخالفتها، وإنما انعقدت الجلسة للاتفاق على هذه الخطة، ودعي «ويتلنج» إليها للتفاهم على هذا الاتفاق، وقضى «ماركس» قضاءه المطلق في مصير الرجل بين جماعته حاكما بأمره، واثقا من تأييد قضائه، وكل هذا في دعوة لم يكن لها من موجب وليس لها من حجة غير إنكار الاستبداد وضمان حق الضعيف الأعزل في وجه الحاكم المستبد وصاحب المال الغشوم. •••
إن «هنريك ماركس» لم يسمع بغير القليل من هذه الفعال وهذه الأخبار حين قال عن ابنه - وفي قلبه غصة: «إن الأنانية غالبة عليه، وإنها وصمة أو لطخة على صفحة نفسه.»
هذا أقرب الناس نسبا إليه، وأقربهم إليه فكرة، زميله «إنجلز» الذي سمع الكثير من تلك الفعال وتلك الأخبار، وعرف من خلاله ما عرفه أبوه، ولكنه كاد أن يخفيه عن ضميره حتى صدمه في إبان حزنه تلك الصدمة، فلم يكتمه أنه جامد الشعور يخفي جمود شعوره بالتعالي على خلق الله.
ويأتي بعد هذين كاتب من كتاب التفسير المادي للتاريخ يعلم ما علمه الأب والزميل، وزيادة عليه مما أضافه الزمن إلى سيرة أستاذه، فلا يرميه بأقل من خلة الحقد والتقلب واختلال الإرادة.
فماذا يقول التاريخ وهو ينظر إلى الرجل بعين غير عين الأب أو عين الزميل أو عين التلميذ؟
إنه لا يستطيع أن يزوي بصره عن تلك الخلال التي تتمثل له حيثما نظر إلى علاقة من علاقاته الاجتماعية؛ لأن تلك الخلال التي تجمعها «الأنانية » الناقمة تملأ فراغ نفسه فلا تدع فيها متسعا لغيرها، ويكفي أن يكون الرجل كذلك ليكون كما كان بغير حاجة إلى سر آخر غير ذلك السر المتكشف للعيان، إنه لم يكن صالحا في علاقة من علاقاته الاجتماعية، لم يكن الطالب الصالح، ولا الابن الصالح، ولا العامل الصالح لنفسه ولأسرته، ولا الزميل الصالح في مودته أو خدمة دعوته، كان فاشلا في كل علاقة من هذه العلاقات الاجتماعية، ولم يكن منظورا منه شيء غير الفشل فيها، مع تلك الأنانية وتلك النقمة وذلك الجمود.
ولقد كان شخصا منفرا لمن حوله فيما يرجع إلى مسلكه بينه وبين نفسه، لا يقصد فيه المرء صلة بينه وبين أحد من أبناء نوعه.
كان قذرا يهمل الاغتسال والنظافة، وكان منظر القروح والثآليل التي تملأ وجهه وعينيه وما ظهر من جلده يزيد قذارة على قذارة، وكانت هذه القروح والثآليل مما يجنيه على نفسه بتهافته على الأطعمة الممنوعة على الرغم من وصايا الأطباء وإلحاحهم عليه في اجتناب الطعام الذي لا يوافق المصابين بالكبد، ولا سيما الذين أزمنت فيهم هذه الإصابة من جراء النهم وفعل الوراثة، وقد نقل «ليوبلد شوارزشيلد» صاحب كتاب البروسي الأحمر نبذة من الرسالة التي كتبها بعضهم إلى صهره عن معيشته في لندن جاء فيها «إنه شخص مشعث للغاية، سيء التصرف في أعماله، يجري في معيشته على نهج المتشردين من المشتغلين بالمطالب الفكرية، ويندر أن يستحم أو يمشط شعره ويغير ملابسه الداخلية، يشرب كثيرا ويحوم أياما على غير هدى وبغير عمل. فإذا حزبه أمر لازب قضى الليل والنهار في العمل: ولا يخطر له على بال أن ينظم ساعاته ومواعيده.»
Неизвестная страница