Коммунизм и гуманизм в законе ислама
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Жанры
وهذه هي الحيلة التي أراد الكاتب المؤمن بالمادية التاريخية أن يحتال بها على إغفال عيوب إمامه في معرض الكلام على مذهبه، ولعلها حيلة تنفع كل قائل غير القائلين بتفسير عقائد الناس وآرائهم بأحوالهم المادية ومطالبهم الجسدية، فإن الذي يعتقد أن الديانات والأخلاق والآراء إنما هي صدى المطالب الجسدية التي يحسها الناس، لن يستطيع التخلص بهذه السهولة من أثر البنية في تكوين آراء صاحبها، ولن يستطيع أن يزعم أن هذه الآراء تأتي سليمة مطهرة من نفس مريضة مختلة مطبوعة على الحقد والضغينة، وإذا استحال على الأمة في مجتمعها أن تتخلص من دواعيها الجسدية حين تدين بالدين، وحين تتعود العادات، وحين تشرع الشرائع، وحين تتذوق الجمال وتبتدع فنونه وتماثيله، فليس في مقدور الفرد أن يتخلص من نوازعه وشهواته ولا من أهوائه المتأصلة في تركيبه، وليس من المعقول أن يتساوى الرجل المطبوع على الضغينة والرجل المطبوع على سلامة الطوية في بواعث التفكير ومواجهة المسائل التي يصبغها بصبغة عقله هواه، ومن قال بذلك فهو من القائلين بالعزل بين الروح والجسد، وليس من القائلين بتغليب الجسد على كل فكرة وكل عاطفة وكل شعور. •••
ومهما يكن من جدوى هذه المعاذير، فهناك سؤال حتم يبقى على الشيوعيين أن يجيبوه، وهو: هل يعتبر «كارل ماركس» بهذه الأخلاق فردا صالحا في مجتمع من المجتمعات الإنسانية كائنا ما كان؟ وهل يكون فردا غير صالح، ويجوز مع ذلك أن يكون إماما صالحا لتأسيس المجتمعات المثالية من يومه إلى أقصى الآماد المجهولة؟
وأيا كان جوابهم على هذا السؤال الحتم، فلا شك أن هوان الأخلاق عليهم هو مرجع الفضل في تهوين الاعتراف بتلك العيوب على زعيمهم وإمامهم، وإن يكن فضلا غير مشكور.
ويشبه هذه الصورة التي رسمها «روهل» صورة أخرى رسمها زعيم من أكبر زعماء المذاهب الهدامة في عصره وهو «باكونين» زعيم «الفوضوية» الذي تلقى عنه «ماركس» أوائل دروسه في المذاهب الاجتماعية، وهو رجل له عيوبه وهناته، ولكنه من طراز في الأخلاق غير طراز «كارل ماركس». ولم يكن من خلاله المشهورة خلة الحقد وافتراء الأكاذيب على عمد لخدمة الدعاية أو شفاء الضغينة، بل كان على نقيض ذلك سريعا إلى الاعتراف بصواب غيره إذا تبين له صوابه، قريبا إلى الصفح عن خصومه الذين لا يتورعون عن اختلاق التهم عليه لتشويه سمعته والتشكيك في نياته، وقد اتهمه «ماركس» بالجاسوسية، وأحيلت هذه التهمة على لجنة من أقطاب الثوار لتحقيقها ، فثبت لهم تزوير الوثيقة التي تستند إليها، وكان «باكونين» حاضرا في جلسة التحقيق والمناقشة للدفاع عن نفسه فأخذ الورقة المزورة ولم يتشبث بإدانة مزوريها بل أحرقها بيديه، وبسط كفه للداعية الألماني «ليبكنخت» الذي كان يتولى اتهامه بالنيابة عن «ماركس»، فصافحه وختم هذه المهزلة باستئناف العمل معه والنزول عن حقه في إلصاق شبهة التزوير به وبأستاذه الموعز إليه.
يقول «باكونين» هذا عن «ماركس» وهو يعقد المقارنة بينه وبين «ماتسيني» زعيم الوطنية الإيطالية: يحب «كارل» نفسه أضعاف حبه لأصدقائه ومريديه، وما من صداقة تصمد لحظة إذا مسته لحظة في غروره وكبريائه، وأيسر من ذلك جدا أن يغفر الإساءة أو الخيانة لدعوته الفلسفية ورسالته الاجتماعية، فإنه ينظر إلى هذه الخيانة نظرته إلى علامة من علامات القصور العقلي أو علامات امتيازه على صديقه فيرى فيها نوعا من التسلية المرضية، وقد يكون هذا الصديق أحب إليه وأدنى إلى قلبه؛ لأنه يأمن أن يكون مزاحما له في رسالته أو منافسا على القمة العليا في شهرته، غير أنه لا يغتفر أبدا أصغر الإساءات إلى شخصه، ولا بد لك من أن تعبده وتتخذه وثنا تصلي بين يديه إن أردت أن تظفر بمودته، أو لا بد لك من أن تخافه وتهابه إن أردت أن يحتملك ويصبر عليك، وهواه دائما أن يحيط نفسه بالأقزام والحجاب والمتزلفين، ولا يمنع ذلك أن يحيط به بعض ذوي الأقدار.
أما على الجملة فلك أن تقول: إن أصحاب «ماركس» تندر بينهم صراحة الصداقة، وتكثر بينهم الدسائس والمناورات، وهم متفاهمون ضمنا على المكايدة والصراع والمساومة على مرضاة الغرور المتبادل بين زمرتهم، ولا موضع لشعور الصداقة حيث يعمل الغرور وتسود الأثرة، فكلهم على حذر، وكلهم متوقع للتضحية به والقضاء عليه، وليست جماعة «ماركس» إلا جماعة التزلف المشترك، وهو بينهم الموزع الأكبر للأقدار والدرجات، والمحور الأكبر كذلك للغدر والكيد والدسيسة. لا يتفتح أبدا ولا يستريح للصراحة يوما. بل يحرض أبدا على اضطهاد من يستريب فيه أو من يقوده سوء حظه إلى التقصير عن إكباره كما ينبغي له من الإكبار في نظره. ومتى بدا منه الإذن في الاضطهاد، فلا حدود للخسة واللؤم في الذريعة التي يتذرعون بها لقضاء إربه، ولما كان هو نفسه يهوديا فقد أحاط نفسه في لندن وباريس، وفي ألمانيا قبل كل شيء بنفر من اليهود الصغار على حظ متفاوت من المقدرة على الدس والنشاط والمغامرة كسائر أمثالهم، حيث كانوا بين الموظفين التجاريين وعمال المصارف والمشتغلين بالأدب والسياسة، أو هم بعبارة أخرى سماسرة في الأدب والسياسة كزملائهم السماسرة في الصفقات التجارية، قدم في المصرف والقدم الأخرى في مراكز الحركة الاجتماعية، ولهم عشيرة كبرى في ألمانيا بين أدباء الصحف الدورية، وإن هؤلاء المتأدبين من اليهود لذوو براعة في صناعة الجبن والواقعية والإيغار والمكيدة تسمعهم يقولون كأنهم يترددون: يشاع، يزعمون، لعله غير صحيح ... ثم يقذفون بأخبث التهم في الوجوه.
ومما كتبه «باكونين» عن «ماركس» إلى «هرزين»:
6 «إن «ماركس» قد خدم قضية الاشتراكية خمسا وعشرين سنة بمقدرة ونشاط وإخلاص، ولن أغفر لنفسي - لو أنها سولت لي من جراء البواعث الشخصية - أن أهدم عمله أو أغض من شأنه.»
وقد أعلن «باكونين» صواب «ماركس» في بعض المسائل الفلسفية والسياسية التي اختلفا عليها، وأن «ماركس» لا يتورع عن الانتقام من مخالفيه باختلاق التهم عليهم، وأنه لا يتورع عن الانتقام من أحد يرتفع إلى المكانة العليا في الدعوة الاجتماعية وإن لم يكن بينهما نقاش على الخطأ والصواب، وقال وهو يذكر جملة «ماركس» على «برودون»:
7
Неизвестная страница