Мученики фанатизма
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Жанры
قالت: إذن أنت تهواني قليلا.
قال: أتسألينني عما إذا كنت أهواك، آه لست أدري يا سيدتي كيف أبوح لك بما في قلبي، وإنما أقول: إنني عبدك، وإن حياتي لك تفعلين بها ما تشائين. مري بموتي أمت طاعة لك. •••
وانعقد مجلس الأعيان مرة ثانية بعد يومين لم يحدث فيهما أقل تغيير، وظل الملك يظهر كل الميل إلى مونمورانسي. فكان آل جيز يضربون أخماسا بأسداس، ويعدون المعدات. فلما انعقدت الجلسة في اليوم الثالث والعشرين من شهر أبريل (نيسان) أمر الملك أسقف فالانس بالكلام، فقام وأوسع أبناء المذهب الجديد (البروتستانت) طعنا، وامتدح آل جيز، وتشاءم من الحالة الحاضرة، وأشار على الملك بأن يقتدى بداود النبي والملك الذي نصر دينه، وأذل الأديان الأخرى، ثم طلب إلى الملكتين أن يرددا مزامير داود في صلاتهما، وأطال في هذا الموضوع. ثم نهض أسقف بروتستانتي آخر فدافع عن أبناء شيعته، وطلب لهم الرفق، وتلاه مونمورانسي فخاطب بقوله: من الخطر أن يتخذ الملك هذا الجم الغفير من الحراس، ولا فائدة منهم إلا أنهم يحدثون ارتباكا، ويتطلب وجودهم نفقات كبيرة، فإن الملك محبوب من رعاياه، وهو ليس بحاجة إلى جيش من الحراس، وحاشية لا يحصى عددها.
وكان هذا الكلام أشبه بشكوى من الدوق دي جيز، فنهض الدوق، وصاح بحدة: لقد تبين يا مسيو دي مونمورانسي أنك لم تشهد مؤامرة أمبواز، فإن الرعايا الأمناء أتوا يومئذ مدججين بالسلاح بحجة أنهم يرومون أن يرفعوا ملتمسا إلى الملك، ومنذ ذلك اليوم اضطررنا إلى إقامة هذا العدد الكبير من الرجال لحراسة الملك، وهو ما تلومنا عليه الآن، ومما لا جدال فيه أن الملك يحتاج إلى خدم صالحين وجنود بواسل، وهو قادر على استخدام الجيوش، ولئن قدرت على أن تضم إلى صوتك أصوات خمسين ألفا فلا يصعب على الملك أن يجد مليونا من رعاياه الأمناء يوافقونه ويخالفونك فيما تروم، وكل ما يريده جلالة الملك مقبول لدينا. أما رأيي في مذهبك الجديد فلا يتحول ولا يتبدل. إني أعتبره كارثة مشئومة على فرنسا!
وكان صوت الدوق عاليا خشنا، وكلامه قاسيا، فاهتز الحضور خوفا من شر العاقبة، ولم يتمالك مونمورانسي والبروتستانتيون أن رفعوا الأيدي، وقال مونمورانسي: ما العمل بهذا التعصب الذميم!
وإذ ذاك اقترح الكردينال شقيق الدوق دي جيز جمع حكام الولايات، وترك كل عمل موقوفا إلى حين اجتماعهم، وقال: إن الملك يحق له وحده أن ينظر فيما يختص بالأمن العام.
فصاح مونمورانسي: هذا اقتراح خال من العدالة؛ لأنه يسلمنا إلى أيدي الحكام وأكثرهم أعداؤنا.
فقال الملك: هل نسيت أن للملك وحده الحق في حفظ الأرواح والأموال؟
أجاب: لماذا تسن القوانين أيها الملك ضد البروتستانت؟ وهم قوم مسالمون مخلدون إلى الهدوء والسكينة، ولا أمنية لهم إلا ممارسة شئونهم الدينية، وليس فيها إضرار بأحد.
وفيما كان مونمورانسي يتكلم بهذا الكلام دخل قاعة المجلس شريف يكاد يحجبه العرق والغبار، وطلب مخاطبة الدوق دي جيز أو مقابلة أخيه الكردينال. فخرج الأخوان، وبعد هنيهة رجعا، وكل منهما مكفهر الوجه، فقال الملك للدوق: ما وراءك يا عماه؟
Неизвестная страница