Память мучеников науки и изгнания
ذكرى شهداء العلم والغربة
Жанры
سافرت أنت ورفاقك وقد ضربتم لنا مثلا في الوطنية غاليا، وأرسلتم في الخافقين صوتها داويا عاليا، لا، بل ضربتم للأمم الغربية مثلا ناطقا بأن المصري رجل جد وعمل يعرف معنى الحياة ويدرك سر الرقي وأنه خليق بنيل ما تصبو له نفسه من الأماني القومية الشهية.
سافرت وسافروا، وما هي إلا عشية أو ضحاها حتى دوت أسلاك البرق النبأ المشئوم فاهتزت له البلاد من أقصاها إلى أقصاها جزعا وارتجفت هلعا، فعلمنا أن قد حم القضاء وخاب الرجاء وجل العزاء، وأن قد جاءت المنية من طريق الأمنية، علمنا أن قد دكت هضبة من هضبات العلم وقوض صرح من صروحه الشاهقة، وهوت الأهلة من هالتها المستقلة، وهصرت الأزاهير من روضها النضير، علمنا هنالك أن قد أخذت السبل عليكم وسدت الفجاج دونكم، فاحتكم فيكم الحين واشتفى منكم البين. ولو أنصفت حوادث الأيام لتركت هذا السرب محلقا في فضاء العلم الفسيح، فلا تذعر آمنه أو تثير مساكنه، ولكن هي الأيام ملأى بالعبر من باب المبتدأ حتى الخبر.
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفوا من الأقذاء والأقدار
فإيه أيها الشهداء! لقد أفدتم وطنكم في حياتكم فائدة جلى، وأي فائدة أجل من فتحكم باب تحصيل العلوم الصحيحة للنشء على مصراعيه؟ ذلكم الباب الذي ما كان يلجه إلا القليل من الشبيبة المصرية من لا يتجاوزون أصابع اليدين عدا، بل أي فائدة أعظم من كونكم خلقتم لنا عهدا جديدا عهد المهاجرة في سبيل العلم؟ وهاهم المئات في أثر المئات من شبيبتنا الناهضة يقتفون أثركم ويؤمون البلاد الغربية طلبا للعلوم الحية، ولم تثنهم فداحة هذا المصاب أو ما يلقونه من كثرة الصعاب. وإن من يفتح مغلقات القلوب بنور التأديب والتهذيب لهو أجل خطرا وأبقى ذكرا وأثرا ممن يخضع الرقاب بحد السيوف.
وأفدتم وطنكم باستشهادكم فائدة أتم وأعم، وهاهي مصر وقد خفق قلبها للمرة الرابعة لفجيعتكم، فكان يومكم يوما مشهودا تجلى فيه الحزن عميقا والأسى شديدا، فالأكباد حرى والأعين عبرى، والنفوس سكرى، والحزن تترى، شفعا ووترا. وحق على مصر وقد فقدت هذه الشمائل الزهر والأخلاق الغر أن تشق جيب الصبر وتجعل النار حشو الصدر.
الله أكبر! سيذكر التاريخ لكم هذا اليوم بكل تجلة «والذكر للإنسان عمر ثان»، وسيبقى ذكركم خالدا ما دامت الأرض أرضا والسماء سماء:
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء . وفي هذا العزاء كل العزاء حتى أصبح كل والد أو والدة (على الخصوص) فقدت فلذة كبدها في هذا الحادث المؤلم تقول قول الخنساء لما بلغها استشهاد بنيها الأربعة يوم القادسية بعد تحريضها لهم على القتال: «الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو ربي أن يجمعني معهم في مستقر رحمته.»
Неизвестная страница