Память мучеников науки и изгнания
ذكرى شهداء العلم والغربة
Жанры
هو تلك القوة الروحانية التي تبعث في الإنسان روح العزيمة والصبر والمثابرة ثم تتركه في منتصف الطريق.
هو ذلك السراب الذي يغري الإنسان على تحمل مشاق الأسفار بحرا وبرا وتجشم المخاطر بردا وحرا ومواجهة الكارثات والمصاعب، وإذا به عنصر منحل في ذاته لا يروي غليلا.
هو ذلك الجمال الشعري الذي يغمر النفس حينا ثم يتركها تحت رحمة وحدتها وعذابها.
هو ذلك الظل الذي يبتعد دائما عن النور ويهرول مسرعا إلى أم الظلمة. نعم، هو الحياة، بل هو الموت.
ذلك هو الأمل يا إخواني، الذي من أجله ينام فريد نوما هادئا.
أي أخي، البارحة تركتنا حزينا باكيا يخفق قلبك مع منديلك لفراق بلادك ووطنك المحبوب. البارحة كتبت إلي وما أحلى كلماتك وأعذب روحك! إن كل الجمال الذي رأيته في سفرك والمناظر البديعة التي تمتعت بها في طريقك إلى حتفك، كل ذلك لم ينسك فراق إخوانك ولم يخفف آلامك في غربتك، فما هذه الحلاوة يا فريد التي تقطر من فمك العذب؟! وما هذا الحياء الذي يتألق فوق جبينك؟!
أي صحبي، وقوفا أمام هذه الحقيقة المرة، خشوعا أمام هذا المنظر القاسي، وهل من منظر أشد على النفس وأكثر إيلاما للعواطف من ضياع شاب صغير ونافع ومحبوب؟! نعم، صغير، فما ترى غرض الموت من فعلته القاسية؟! ونافع، فما ترى قصد الإله في إصدار هذا الحكم الرهيب؟! ومحبوب، فما عسى أن تكون هذه التصاريف الشديدة؟!
لقد ذهب فريدنا بين من ذهبوا، لقد راح ضحية الأمل العالي فخلف لنا الألم المستديم، ليت تلك الساعة لم تكن التي جاءنا فيها ذلك النبأ المشئوم! وأنت أيها السهل الذي سقط عليك فقيدنا وإخوته الأبرياء، ليذهب عنك الجمال، ولينقطع عنك الظل والمطر، إذ عليك هلك هذا البريء، وفوق بطاحك تناثر جسمه الغض كما تتناثر أوراق الأشجار أمام ريح الخريف القاسية.
إننا نحزن ونبكي ذلك لأننا نحب، أليس تأثر العواطف هو مقياس المحبة؟ أوليس روح ذلك التأثر هي دليل على روح تلك المحبة وجوهرها؟ وهل يسكب دمع إلا لعزيز؟ إذن فلتتمسك المحبة بالحزن وليقبل كل منهما الآخر لئلا يهلك الاثنان معا.
يا قلبي، لقد فقدت شيئا، نعم، فقدت شيئا عزيزا، فقدت سرورا كان لك في سنيك الغابرة، خسارة فادحة لا يعوضها سوى الدموع، ولا يخفف تأثيرها سوى البكاء.
Неизвестная страница