Память мучеников науки и изгнания
ذكرى شهداء العلم والغربة
Жанры
الاستقلال الفكري: كان فريد على شيء كثير من الاستقلال الفكري وحرية الضمير مع رجاحة في العقل لا يشوبها طيش الشباب، ولعل منشأ ذلك يرجع إلى وفاة والده، فلم يكن لأحد أن يسيره في شيء بل كان هو محتذى في كل أعماله، فحصل بين التجربة الانفرادية والخبرة الاستقلالية على ما أزكى عقله وفؤاده وأحكم خطواته في كل أعماله، ظهر أثر ذلك في حياته المدرسية فكان يتخذ لنفسه من المدارس والأصحاب ما يروق في نظره، وطالما كانت نفسه تتألم من نظام التعليم بالمدارس التي وجد فيها من حيث التضييق على حرية الطلبة، وكان يعتقد أن أولي الشأن يتعمدون تربية الناشئة على الاحترام الأعمى لرؤسائهم بوضع نظام الطوابير وتحريك الطلبة تحريكا ميكانيكيا في الدرس والأكل على غير جدوى وبغير إرادتهم وبإكراههم على تأدية التحية لهم في المدرسة وفي الطرقات، فكان فريد يكره ذلك ويظهر من العصيان والغطرسة ما حدا ببعض المدرسين أن يتهمه بالكبر.
كان يكره الأنظمة القهرية ويمقت التوظف في دوائر الحكومة جهد استطاعته. وكثيرا ما كنا نتريض معا في حقول الجيزة، فكان يعجب بالطبيعة والزهور والنبات أيما إعجاب ويحسد الفلاح على حريته وهو في الغيط طليقا حرا، ولذاك صمم على دراسة فن الزراعة إتماما لبغيته.
الإخلاص في المعاشرة
كان فريد مخلصا في معاشرته، فإذا أحب صديقا مال إليه بكل جوارحه وأخلص له في سره وعلانيته، ليس للتجمل أو الرياء منفذ إلى صدره، وسرعان ما كان يسلم لروحه وفؤاده بغير تكلف لكل من طلب وده فكان يحب كل معارفه على السواء والكل به وله، ذلك لما طبع عليه فريد من الدعة وظريف الشمائل.
الثقة بالذات
كان فريد شديد الثقة بنفسه، ولكنه رغم وقوفه برجاحة عقله كان لا يستنكف من المشورة في كل أموره سعيا وراء نجاحه. علم أن صديقا له موظفا بوزارة الحربية نقل إلى بحر الغزال في جنوب غرب السودان على مسيرة خمسة وأربعين يوما من مصر، فبعث إليه يحضه على الامتناع عن السفر ، فأجابه أن الذي حبب إليه السفر إلى تلك الجهات النائية هو أن مرتبه سيبلغ الضعف تقريبا، فوقعت هذه الفكرة عند فريد موقع السخرية والاستهزاء، وكتب إليه يقول: «لو كانت ثقتك بنفسك شديدة لعرفت أنك لن تعدم حيلة في كسب أضعاف مرتبك أنى شئت.»
الاقتصاد
كان فريد يحب الاقتصاد ويضع الشيء في موضعه، ولم يعقه ميله للاقتصاد عن القيام بالواجب، حتى لتخاله في كثير من المواقف كريما في البذل عن سخاء وطيب خاطر. (10-7) مرثية ألقاها على قبر فريد حضرة صديقه الحميم الكاتب الأديب حبيب أفندي غبريال
أي فريد، ها قد جئنا لنزورك وأنت في مرقدك الهادئ فاستيقظ يا فريد من نومك لتحيي إخوانك القادمين إليك، قم وامدد إلينا يديك الطاهرتين فقد حق علينا أن نقبلهما بحرارة ولهف. ولكن لا، لا، فكن في مكانك بعيدا عنا ولتبق روحك في ذلك المقام العلوي، فما كان للطهارة أن تمس الدنس، وما كان للنور أن يقترب من الظلام. أي إخواني، في ليلة البارحة بينما الناس في سبات عميق طلبت فريدا، ولكن واأسفاه طلبته فما وجدته!
قالوا لي لقد خرج إلى الحقول، هنالك وجدت الوردة تبسم للنسيم والزنبقة تقبل شعاع الشمس، أما هو فقد طلبته فما وجدته.
Неизвестная страница