الفصل الحادي عشر
اشتعلت حرب 48، وتدهورت أسواق الأوراق المالية، وخسر الحاج سعيد الأموال التي ربحها، بل اضطر أيضا أن يبيع أرضه كلها. لم ينج منها إلا ما كتبه لبهجت ومجدي.
ولم يجرؤ أحد من الابنين أن يطالب بحقه في الأرض التي باسمهما؛ فقد أصبحت هي المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه أبوهما في العيش.
وكان مجدي قد تزوج ابنة خالته نعمات، وبعد الفرح أقامت معه في بيت أبيه؛ فقد توسلت لديها خالتها الحاجة عايدة. - يا بنتي، أنا وحدي في البيت، والحمد لله أن مجدي اختارك وأنت كابنتي، فإذا عشت معنا فستكونين أنت ست البيت.
وفي استحياء وإذعان قالت نعمات: وماله يا خالتي، أنا تحت أمرك.
وعاشت معهما شهورا ثم حلت الكارثة المالية بحميها، فأصبح بقاؤها في بيت خالتها وزوجها أمرا لا محيد عنه ولا مفر منه.
وراح مجدي يرعى العشرين فدانا، وهداه تفكيره أن يستأجر عشرين فدانا أخرى يزرعها، حتى يظل مستوى معيشتهم بالبيت قريبا مما تعود عليه.
أما الحاج سعيد فأصيب بنوع من الوجوم الصامت، وأصبح لا يرى إلى أحد، ولا يريد أن يخرج من البيت؛ فقد تهدمت آماله كلها بعد أن كانت قد استطالت وتوحشت، وبعد أن كان الغنى المفاجئ قد أصابه بنوع من السعار، وذلك السعار نفسه هو الذي أدى به إلى هذه الخسارة الفادحة.
الفصل الثاني عشر
كان بهجت جالسا بمكتبه بالشئون القانونية بالوزارة، حين أقبل عليه رجل مهيب الطلعة على قدر من الوجاهة، لا يخفى على من يراه، قال: بهجت بك العزوني؟ - أنا هو، تفضل، أهلا وسهلا.
Неизвестная страница