وثانيهما: أن قوله: ((اسكنوا في الصلاة)) فعل أمر والأمر يقتضي الوجوب، فاقتضى ذلك وجوب السكون في الصلاة وترك رفع الأيدي؛ لأن رفع الأيدي ترك السكون فيها فيكون مخالفة لأمره صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله تعالى:{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}[النور:63] يدل على ذلك قول الله تعالى:{وقوموا لله قانتين}[البقرة:238] يريد خاشعين، نهو عن العبث والتقلب في الصلاة، يزيده وضوحا.
(خبر) ما روي عن المطلب بن أبي وادعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( الصلاة مثنى مثنى خشوع وتسكن)) فألزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم التسكن فيها فثبت ما قلناه، فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله: ((ما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة)) خرج على قوم رفعوا أيديهم في غير موضع الرفع.
قلنا: إنه صلى الله عليه وآله وسلم ذم رفع الأيدي في الصلاة من غير أن يكون قد استثنى منها موضعا من موضع فاقتضى ذلك النهي عن رفع الأيدي فيها عاما من غير تخصيص، فإن قيل: إنه خرج على قوم رفعوا أيديهم عند التسليم في آخر الصلاة.
قلنا: إن الدليل هو الخطاب لا السبب، فيجب إجراء الخطاب على عمومه، وذلك يفيد ما ذكرناه، يدل على ذلك قول الله تعالى: {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون}[المؤمنون:1-2].
قال المؤيد بالله: الخشوع هو السكون، ومنه قيل في قول الله تعالى: {وخشعت الأصوات للرحمن}[طه:108] أي: سكنت الأصوات.
Страница 229