قال: فجرى مجرى الإجماع على أن قول علي عليه السلام وجعل
الدم رزقا للولد مما لا طريق للاجتهاد فيه، وإنما يعلم ذلك بالسماع فوجب حمله عليه إذ لا سبيل إلى الحمل على السلامة إلا بذلك؛ ولأنه لا خلاف في أن مجرد الدم لا يكون حيضا، وإنما يكون حيضا حيث كان حيضا بدلالة الاتفاق والتوقيف، والدم الذي تراه المرأة الحبلى ليس معه دلالة الاتفاق ولا التوقيف فلم يصح أن يكون حيضا، فإن قيل: إن في خبر فاطمة المتقدم إذا كان دم الحيض أسود فامسكي عن الصلاة إلى آخره لم يفصل بين أن تكون حائلا أو حاملا.
قلنا: نحمله على الحائل بأدلتنا المتقدم ذكرها.
فصل
واختلفوا في وقت إياس المرأة من الحيض للكبر، فقال قوم: بلوغ ستين سنة، وهو قول الهادي، وقال قوم: بلوغ خمسين سنة وهو قول زيد بن علي، وذهب المنصور بالله عبدالله بن حمزة إلى أنه في القرشيات بلوغ ستين سنة، وفي من عداهن من العربيات بلوغ خمسين سنة، وفي العجميات بلوغ أربعين سنة، ولا يحفظ هذا التقدير عن غيره، ووجه الأول أن الرجوع في تقديره إما أن يكون إلى العادة أو إلى التوقيف، والعادة في ما دون الستين مختلفة، ولهذا قيل: إن المرأة لا تحيض إذا زادت على الخمسين إلا أن تكون قرشية فلا يصح الرجوع إلى العادة لاختلافها، ولأنا قد علمنا من حال كثير من النساء أنهن حضن بعد خمسين سنة فلم يبق إلا الرجوع إلى التوقيف، والتوقيف والعادة قد حصلا في الستين؛ لأن الزيادة على الستين لم يقل بها أحد بل مقدار الستين أكثر ما قيل في ذلك، ولا مانع من تجويزه فيما دونها فوجب المصير إلى ما قلناه، والله الهادي.
(خبر) وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أقل ما يكون الحيض للجارية البكر ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، فإذا زاد الدم أكثر من عشرة أيام فهو استحاضة)).
Страница 106