فنقول أولا إن القوى النفسانية البدنية مطيتها الأولى جسم لطيف نافذ فى المنافذ روحانى، وإن ذلك الجسم هو الروح، وإنه لولا أن قوى النفس المتعلقة بالجسم تنفذ محمولة فى جسم لما كان سد المسالك حابسا لنفوذ القوى المحركة والحساسة والمتخيلة أيضا، وهو حابس ظاهر الحبس عند من جرب التجارب الطبية، وهذا الجسم نسبته إلى لطافة الأخلاط وبخاريتها نسبة الأعضاء إلى كثافة الأخلاط، وله مزاج مخصوص، ومزاجه يتغير أيضا بحسب الحاجة إلى اختلاف يقع فيه ليصير به حاملا لقوى مختلفة، فإنه ليس يصلح المزاج الذى معه يغضب للمزاج الذى معه يشتهى أو يحس، ولا المزاج الذى يصلح للروح الباصر هو بعينه الذى يصلح للروح المحرك، ولو كان المزاج واحدا لكانت القوى المستقرة فى الروح واحدة وأفعالها واحدة، فإذا كانت النفس واحدة فيجب أن يكون لها أول تعلق بالبدن، ومن هناك تدبره وتنميه، وأن يكون ذلك بتوسط هذا الروح ويكون أول ما تفعل النفس يفعل العضو الذى بوساطته تنبعث قواها فى سائر الأعضاء بتوسط هذا الروح، وأن يكون ذلك العضو أول متكون من الأعضاء وأول معدن لتولد الروح، وهذا هو القلب، يدل على ذلك ما حققه التشريح المتقن، وسنزيد هذا المعنى شرحا فى الفن الذى فى الحيوان،
Страница 264