وقول إن الأنفس الإنسانية لم تكن قائمة مفارقة للأبدان ثم حصلت فى الأبدان لأن الأنفس الإنسانية متفقة فى النوع والمعنى، فإذا فرض أن لها وجودا ليس حادثا مع حدوث الأبدان بل هو وجود مفرد لم يجز أن تكون النفس فى ذلك الوجود متكثرة، وذلك لأن تكثر الأشياء إما أن يكون من جهة الماهية والصورة وإما أن يكون من جهة النسبة إلى العنصر والمادة المتكثرة بما تتكثر به من الأمكنة التى تشتمل على كل مادة فى جهة والأزمنة التى تختص بكل واحد منها فى حدوثه والعلل القاسمة إياها، وليس متغايرة بالماهية والصورة لأن صورتها واحدة، فإذن إنما تتغاير من جهة قابل الماهية أو المنسوب إليه الماهية بالاختصاص، وهذا هو البدن، وأما إذا أمكن أن تكون النفس موجودة ولا بدن فليس يمكن أن تغاير نفس نفسا بالعدد، وهذا مطلق فى كل شىء، فإن الأشياء التى ذواتها معان فقط وقد تكثرت نوعياتها بأشخاصها فإنما تكثرها بالحوامل والقوابل والمنفعلات عنها أو بنسبة ما إليها وإلى أزمنتها فقط، وإذا كانت مجردة أصلا لم تتفرق بما قلنا، فمحال أن يكون بينها مغايرة وتكثر، فقد بطل أن تكون الأنفس قبل دخولها الأبدان متكثرة الذات بالعدد،
Страница 224