ولو كان هذا الرأى حقا، لكان المركب، إذا تسلطت عليه النار فعلت فيه فعلا متشابها، فلم يكن القرع والإنبيق يميزه إلى شىء قاطر متبخر لا يثبت على النار ألبتة البتة ، وإلى شىء أرضى لا يقطر ألبتة البتة . فأنه، إن كان كل جزء منه كالآخر، تساوى الاستعداد فى جمعيه؛ أو إن اختلف فعسى أن يكون اختلافه بالأشد والأضعف، حتى كان بعض الأجزاء أسرع استعدادا، وبعضها أبطأ استعدادا. ومع ذلك، فما كان يكون ذلك فيها، وهى متلبسة صورة واحدة لا تمايز بينها؛ بل لا بد من تمايز. وذلك التمايز لا يخلو إما أن يكون بأمور عرضية، أو صور جوهرية.
فإن كانت أمورا عرضية فأما أن تكون من الأعراض التى تلزم طبيعة الشىء، أو من الأعراض الواردة من خارج.
فإن كانت من الأعراض التى تلزم طبيعة الشىء فالطبايع التى تلزمها أعراض مختلفة هى مختلفة.
وإن كانت من أعراض وردت عليها من خارج فإما أن تكون الأجزاء الأرضية، مثلا، تقتضى، فى كل مثل ذلك التركيب، أن تكون، إذا امتزجت، يعرض لها من خارج دائما مثل ذلك العارض، أو لا يقتضى. فإن كانت تقتضى وجب من ذلك أن يكون لها، عند الامتزاج، خاصية استعداد لقبول ذلك، أو خاصية استعداد لحفظ ذلك، ليس ذلك لغيرها.
وذلك الاستعداد إما أن يكون أمرا جوهريا، فيتمايز الجوهر،فتكون البسايط متميزة فى المركب بجواهرها، أو أمرا عرضيا، فيعود الكلام من رأس.
Страница 134