268

Исцеление страдающего в вопросах судьбы и предопределения, мудрости и обосновании

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل

Редактор

-

Издатель

دار المعرفة،بيروت

Издание

١٣٩٨هـ/١٩٧٨م

Место издания

لبنان

وكمال من وجه فالشر ليس إلى الرب تعالى بوجه من الوجوه لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله وإنما يدخل الشر الجزئي الإضافي في المقضي المقدر ويكون شرا بالنسبة إلى محل وخيرا بالنسبة إلى محل آخر وقد يكون خيرا بالنسبة إلى المحل القائم به من وجه كما هو شر له من وجه بل هذا هو الغالب وهذا كالقصاص وإقامة الحدود وقتل الكفار فإنه شر بالنسبة إليهم لا من كل وجه بل من وجه دون وجه وخير بالنسبة إلى غيرهم لما فيه من مصلحة الزجر والنكال ودفع الناس بعضهم ببعض وكذلك الآلام والأمراض وإن كانت شرورا من وجه فهي خيرات من وجوه عديدة وقد تقدم تقرير ذلك فالخير والشر من جنس اللذة والألم والنفع والضرر وذلك في المقضي المقدر لا في نفس صفة الرب وفعله القائم به فإن قطع يد السارق شر مؤلم ضار له وأما قضاء الرب ذلك وتقديره عليه فعدل خير وحكمة ومصلحة كما يأتي في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله، فإن قيل فما الفرق بين كون القدر خيرا وشرا وكونه حلوا ومرا، قيل الحلاوة والمرارة تعود إلى مباشرة الأسباب في العاجل والخير والشر يرجع إلى حسن العاقبة وسوئها فهو حلو ومر في مبدأه وأوله وخير وشر في منتهاه وعاقبته وقد أجرى الله سبحانه سنته وعادته أن حلاوة الأسباب في العاجل تعقب المرارة في الآجل ومرارتها تعقب الحلاوة فحلو الدنيا مر الآخرة ومر الدنيا حلو الآخرة وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل اللذات تثمر الآلام والآلام تثمر اللذات والقضاء والقدر منتظم لذلك انتظاما لا يخرج عنه شئ البتة والشر مرجعه إلى اللذات وأسبابها والخير المطلوب هو اللذات الدائمة والشر المرهوب هو الآلام الدائمة فأسباب هذه الشرور وإن اشتملت على لذة ما وأسباب تلك خيرات وإن اشتملت على ألم ما فألم يعقب اللذة الدائمة أولى بالإيثار والتحمل من لذة تعقب الألم الدائم فلذة ساعة في جنب ألم طويل كلا لذة وألم ساعة في جنب لذة طويلة كلا ألم.
الباب الخامس والعشرون: في امتناع إطلاق القول نفيا وإثباتا أن الرب تعالى مريد للشر وفاعل له
هذا موضع خلاف اختلف فيه مثبتو القدر ونفاته فقال النفاة لا يجوز أن يقال أن الله سبحانه مريد للشر أو فاعل له قالوا لا يريد الشر وفاعله شرير هذا هو المعروف لغة وعقلا وشرعا كما أن الظالم فاعل الظلم والفاجر فاعل الفجور ومريده والرب يتعالى ويتنزه عن ثبوت معاني أسماء السوء له فإن أسماءه كلها حسنى وأفعاله كلها خير فيستحيل أن يريد الشر فالشر ليس بإرادته ولا بفعله قالوا وقد قام الدليل على أن فعله سبحانه غير مفعوله والشر ليس بفعل له فلا يكون مفعولا له وقابلهم الجبرية فقالوا بل الرب سبحانه يريد الشر ويفعله قالوا لأن الشر موجود فلا بد له من خالق ولا خالق إلا الله وهو سبحانه إنما يخلق بإرادته فكل مخلوق فهو مراد له وهو فعله ووافقوا إخوانهم على أن الفعل عين المفعول والخلق نفس المخلوق ثم قالوا والشر مخلوق له ومفعول فهو فعله وخلقه وواقع بإرادته قالوا وإنما لم يطلق القول أنه يريد الشر ويفعل الشر أدبا لفظيا فقط كما لا يطلق القول بأنه رب الكلاب والخنازير ويطلق القول بأنه رب كل شيء وخالقه قالوا وأما قولكم أن الشرير مريد الشر وفاعله فجوابه من وجهين، أحدهما إنما يمنع ذلك بأن الشرير من قام به الشر وفعل الشر لم يقم بذات الرب فإن أفعاله

1 / 269