وجرى الكلامُ في مسألتي المتعة والتحليل، وتبين حكمهما بأرشد دليل، وظهرت الخاصَّةُ التي استحقَّ بها المحلِّل اللعنة، ولِمَ سمَّاه الرسول من بين الأزواج بالتيس المستعار، وتبيَّنَتْ مآخِذُ الأئمة تأصيلًا وتفصيلًا على وجه الاستبصار.
فانتبه بعضُ من كان غافلًا من رَقْدَته، وشكى ما بالناس من الحاجة إلى ظهور هذا الحكم ومعرفته؛ لعموم البلوى بهذه القضيَّة الشنيعة، وغَلَبَة الجهل بدلائل المسألة على أكثر المنتسبين إلى علم الشريعة، وسأَلَ أن أُعَلِّق في ذلك ما يكون تَبْصِرةً للمسترشد وحجة للمستنجد، فأجبتُه إجابةَ المتحرِّج من كتمان العلم المسئول، الخائف من نَقْض الميثاق المأخوذ على الذين أوتوا الكتاب وخَلَفُوا الرسولَ، والتمس بعضُ الجماعة مكررًا (^١) الالتماس بتقرير القاعدة التي هي للمسألة المذكورة أساس (^٢)، وهي: بيان حكم الاحتيال على سقوط الحقوق والواجبات، وحل العقود وحل المحرَّمات، بإظهار صورةٍ ليس لها حقيقة عند المحتال، لكن جنسها مشروع لمن قَصَد به ما قصده الشارع من غير اعتلال.
فاعتذرتُ بأن الكلام المفصَّل في هذا يحتاج إلى كتابٍ طويل، ولكن سأدرج في ضمن هذا من الكلامِ الجُمْلي ما يوْصِل إلى معرفة التفصيل، بحيث يتبين للبيب موقع الحيل من دين الإسلام، ومتى حدثت، وكيف كان حال ذلك عند السلف الكرام، وما بلغني من
_________
(^١) غير بينة في الأصل، و(م): "تكرر" والمثبت من "الإبطال".
(^٢) الأصل: "بأساس" والمثبت من (م) وأصله.
1 / 16