ومائة، حين غزا ما وراء النهر، وقتل كورصول١. ويوجب تطور الأحداث بخراسان بعد هذا التاريخ أن يختفي ذكر الأخماس، لأن نصر بن سيار توقف عن الإغارة على ما وراء النهر، وشغل بالأمور الداخلية إلى آخر أيامه، ولأن القدماء لم يذكروا الأخماس بخراسان قبل ذلك إلا في وقت الحرب، فقد كان الجيش العربي يتكون منها، وكانت كل قبيلة من القبائل الخمس تشارك في الغزو بعدد من الجنود حسب حجمها.
ولكن هذا التغير الذي طرأ على الأخماس والذي لاحظه الدكتور صالح العلي صحيح، وهو يعود من جهة أخرى إلى انصهار قبائل كل حلف من القبائل الخمس المتنافسة، بحكم اتحاد مصالحها، وتطاول السنين على اجتماعها وتآلفها. والباحث يرى بوضوح أن المؤرخين مثل اليعقوبي٢، والدينوري٣ والطبري٤، وابن الأثير٥، أخذوا يذكرون، منذ نهاية العقد الثالث من القرن الثاني، أهل اليمن، وربيعة، ومضر، بدلا من الأزد، وبكر، وتميم، على التوالي.
وكانت أخماس أهل البصرة بخراسان تتألف من خمس قبائل هي: أهل العالية، وبكر، وتميم، وعبد القيس، والأزد٦. وكانت تميم أكبر الأخماس عددا، وأشدها قوة٧، وكانت الأزد هي القبيلة الثانية المقابلة لتميم، والمزاحمة لها.
وكان لكل خمس أو قبيلة رئيس، غير أن القدماء لم يحتفظوا بأسماء عدد كبير من رؤسائها، إما لأن تلك الوظيفة كانت محدثة، وإما لأن دور صاحبها كان ضعيفا، وإما لأن العرب توزعوا بخراسان في مناطق متباعدة٨. وقد أحصى الدكتور صالح العلي رؤساء كل خمس، وتحدث عن بعضهم حديثا مفصلا، ووقف عند قبائلهم،
_________
١ الطبري ٩: ١٦٩٠.
٢ تاريخ اليعقوبي ٣: ٧٥.
٣ الدينوري ص: ٣٥١.
٤ الطبري ٩: ١٩٣٤، ١٩٣٥.
٥ ابن الأثير ٥: ٢٢٧.
٦ الطبري ٩: ١٢٩١.
٧ الطبري ٩: ١٦٩٣، ونقائص جرير والفرزدق ١: ٣٦٨.
٨ استيطان العرب بخراسان ص: ٤٢.
1 / 56