وكان عمر لا يؤثر نفسه بشيء من الخير، وإنما يأكل مع الناس، وقد جاء وقت حرم عمر فيه على نفسه اللحم والسمن واللبن، وفرض على نفسه الزيت يأكله مصبحا وممسيا ومعه شيء من الخبز.
ويقال إنه أحس حر هذا الزيت، فقال لمولاه: اكسر عني حره بالنار، فطبخ له الزيت، فكان أشد عليه، وكان بطنه يتقرقر عنه، فكان ينقر بطنه بإصبعه ويقول: تقرقر تقرقرك، فليس لك عندنا إلا الزيت حتي يحيا الناس.
وربما تقرقر بطنه فنقره بإصبعه، وقال: لتمرنن على الزيت حتى يحيا الناس.
وكان شديدا على أهل بيته دائما، ولكن شدته عليهم زادت عام الرمادة، فكان لا يسمح لأحد منهم بأن يوسع على نفسه في طعام أو شراب والناس من حولهم جياع، وكان شديد الغم لما أصاب الناس، حتى كان أصحابه يخافون على حياته لشدة غمه واهتمامه بأمر المسلمين.
وقد تغير لون عمر فاسود بعد بياض لكثرة ما أكل من الزيت، ولكثرة ما أخذ نفسه به من الجوع.
وكان كثيرا ما يسأل الله في خوف وجزع ألا يجعل هلاك أمة محمد على يديه.
ويقال إنه جلس ذات يوم على المنبر، فوعظ الناس ودعاهم إلى أن يتقوا الله ويصلحوا قلوبهم، ثم أنبأهم بأن ما أصابهم من المحل إنما هو آية سخط الله! وما يدري أكان هذا السخط على المسلمين من دونه أم كان عليه من دون المسلمين، أم كان سخطا قد عمهم جميعا. وكان كثيرا ما يقول للناس: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه.
ويقول ابن سعد: إن عمر خرج بالناس مستسقيا. ولكن ابن سعد كغيره من الرواة يخلط أمر هذا الاستسقاء بشيئين.
أحدهما: لا أدري إلى أي حد يصح، وهو أن رجلا من أهل المدينة ذبح شاة لبنيه بعد إلحاح منهم في ذلك عليه، فلم يجد إلا جلدا وعظما. فقال: وامحمداه! فرأى فيما يرى النائم أنه بين يدي النبي
صلى الله عليه وسلم ، وأن النبي أمره أن يأتي عمر، فيقرأ عليه السلام، ويقول له: الكيس الكيس. فلما أصبح الرجل فعل ما أمره النبي به.
Неизвестная страница