ومن قال: أن عثمان كان مباح الدم، لم يمكنه أن يجعل عليًا معصوم الدم، ولا الحسين، فإن عصمة دم عثمان أظهر من عصمة دم علي والحسين. وعثمان أبعد عن موجبات القتل من علي والحسين. وشبهة قتلة عثمان أضعف بكثير من شبهة قتلة علي والحسين، فإن عثمان لم يقتل مسلمًا، ولا قاتل أحدًا على ولايته ولم يطلب قتال أحد على ولايته أصلًا، فإن وجب أن يقال: من قتل خلقًا من المسلمين على ولايته إنه معصوم الدم، وإنه مجتهد فيما فعله، فلان يقال: عثمان معصوم الدم، وإنه مجتهد فيما فعله من الأموال والولايات بطريق الأولى والأحرى.
ثم يقال: غاية ما يقال في قصة مالك ابن نويرة: إنه كان معصوم الدم وإن خالدًا قتله بتأويل، وهذا لا يبيح قتل خالد، كما أن أسامة بن زيد لما قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله. وقال له النبي ﷺ: " يا أسامة أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ " فأنكر عليه قتله، ولم يوجب قودًا ولا دية ولا كفارة.
وقدر روى محمد بن جرير الطبري وغيره عن ابن عباس وقتادة أن هذه الآية: قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنًا) نزلت في شأن مرداس، رجل من غطفان، بعث النبي ﷺ جيشًا إلى قومه، عليهم غالب الليثي، ففر أصحابه ولم يفر. قال: إني مؤمن، فصحبته الخيل، فسلم عليهم، فقتلوه وأخذوا غنمه، فأنزل الله هذه الآية، وأمر رسول الله ﷺ برد أمواله