الأربعاء 12 صفر/22 نوفمبر
شتان ما بين إنسان وإنسان
سمعت في كراچي قائلا يقول: قد استأجرنا هذه الدار ورممناها، وكان هنا جدار بين دارنا والدار المجاورة، جدار قصير مائل خرب فهدمناه وأقمنا هذا الجدار السوي الذي ترى، قال: والعجب أن صاحبة الدار المجاورة جاءت تقول: لم هدمتم جداري؟ قلنا كذا وكذا، وهذه أنقاضه، فخذيها. فأخذت الأنقاض، وما كادت تقنع. قلت: وجار لنا في مصر أردنا أن نبني بالبلاط حجرة صغيرة واقتضى العمل أن نضع بلاطات فوق الجدار الذي بيننا، قال: جداري لا تضعوا عليه شيئا! فعجبنا وقلنا: إن من الناس من تحمل مروءته أن توضع هذه البلاطات على كتفه. ثم قال: اكتبوا أنه جداري وأن وضع أحجاركم عليه لا يكسبكم فيه حقا، فكتبنا. قال: لا بد من تسجيل الورقة، وهذا يحوج إلى مال. فعلمنا أنه يريد أجرا لوضع الأحجار على جداره، وكان جارنا غنيا واسع الغنى، قلنا: قبحك الله وقبح جدارك وجوارك ورفعنا أحجارنا واسترحنا!
ومن الناس من يأذن لك أن تهدم جداره لمنفعتك مروءة ورعاية للجوار، بل من يهدم جداره لك أو يعمل ما هو أعظم نفقة ومشقة من هدم جدار.
وهكذا يجد المتأمل فروقا بين إنسان وإنسان، أكثر ما يجد بين جنسين من الحيوان، نفس فيها شجاعة ومروءة ومودة وصدق، ينال نجدتها البعيد والقريب، ونفس شحيحة جبانة خداعة كذابة يحرم معروفها البعيد والقريب؛ بل تحرم هي معروفها فلا تنتفع بما تملك من مال، ولا تنعم بما أفيض عليها من نعمة. الأولى شجرة مظلة مثمرة في البرية يأكل منها الناس ويأوون إليها، والثانية شجرة جرداء شائكة لا ينال أحد ظلها ولا ثمرها، ولا يسلم من شوكها من اقترب منها.
يفر جبان القوم عن أم رأسه
ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
ويرزق معروف الجواد عدوه
ويحرم معروف البخيل أقاربه
الخميس13 صفر /23 نوفمبر
Неизвестная страница