Шадхарат мин Итааф аль-Ариб би-Ахкаам Мараатиб Такрееб аль-Тахзиб

Ахмед Шехата Аль-Искандари d. Unknown
4

Шадхарат мин Итааф аль-Ариб би-Ахкаам Мараатиб Такрееб аль-Тахзиб

شذرات من إتحاف الأريب بأحكام مراتب تقريب التهذيب

Жанры

فَمِنَ الْوَاضِحِ اللائِحِ: أَنَّ الْحَافِظَ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِلرُّوَاةِ، وَلَمْ يُرِدْ قَطُّ بَيَانَ دَرَجَةِ أَحَادِيثِهِمْ مِنَ الصِّحَةِ أَوْ الْحُسْنِ أَوْ الضَّعْفِ، وَلَوْ أَرَادَهُ لأتَى بِأَحْكَامٍ مُسَدَّدَةٍ، أَوْ مُقَارِبَةٍ، فَهُوَ أَبُو عُذْرَةِ هَذَا الشَّانِ، وَفَارِسُ ذَلِكَ الْمَيْدَانِ. وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَقْصُودِهِ، لا فِي تَقْرِيبِهِ، وَلا فِي تَهْذِيبِهِ، كَمَا صَرَحَ بِذَلِكَ هُوَ نَفْسَهُ فِي «مُقَدِّمَةِ التَّقْرِيبِ»، إذْ يَقُولُ مُعْرِبًَا عَنْ خُطَّتِهِ فِي تَرْجَمَتِهِ لِكُلِّ رَاوٍ: «أَنَّنِي أَحْكُمُ عَلَى كُلِّ رَاوٍ بِحُكْمٍ يَشْمَلُ أَصَحَّ مَا قِيلَ فِيهِ، وَأَعْدَلَ مَا وُصِفَ بِهِ، بِأَلْخَصِ عِبَارَةٍ، وَأَخْلَصِ إِشْارَةٍ، بِحَيْثُ لا تَزِيدُ كُلُّ تَرْجَمَةٍ عَلَى سَطْرٍ وَاحِدٍ غَالِبًَا يَجْمَعُ: اسْمَ الرَّجُلِ. وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَمُنْتَهَى أَشْهَرِ نِسْبَتِهِ وَنَسَبِهِ. وَكُنْيَتَهُ وَلَقَبَهُ مَعَ ضَبْطِ مَا يُشْكَلُ مِنْ ذَلِكِ بِالْحُرُوفِ. ثُمَّ صِفَتَهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا مِنْ جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ» . فَهَذَا بَيَانٌ وَافٍ لِمَقْصُودِهِ وَغَايَتِهِ، وَمُرَادِهِ وَطِلْبَتِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الَّذِي صَرَفَ الْحَافِظَ عَنْ هَذَا الْمَقْصِدِ، مَعَ اقْتِضَاءِ ضَرُورَتِهِ، وَالْجَزْمِ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لأتَى بِأَحْكَامٍ مُسَدَّدَةٍ، أَوْ مُقَارِبَةٍ؟ . قُلْنَا: لاعْتِبَارَاتٍ عِدَّةٍ لا تَخْفَى عَلَي أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، فَلْنَقْتَصِرُ عَلَى أَهَمِّهَا فِي هَذَا الإِيْضَاحِ: إِنَّ الْحُكْمَ عَلَى دَرَجَةِ حَدِيثِ الرَّاوِي لا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ أَوْ جَرْحِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ الأَمْرُ كَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْمُعَاصِرِينَ، كَقَوْلِهِمْ: فُلانٌ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ، وَفُلانٌ صَدُوقٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفُلانٌ ضَعِيفٌ فَحَدِيثُهُ ضَعِيفٌ، وَفُلانٌ مَتْرُوكٌ فَحَدِيثُهُ مَتْرُوكٌ، وَفُلانٌ لَهُ مَنَاكِيْرُ فَحَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَفُلانٌ كَذَّابٌ فَحَدِيثُهُ مَوْضُوعٌ. فَهَذَا مَنْهَجُ الْمُبْتَدِئِ الْمُتَعَجِّلِ، وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْمُحَقِّقِ الْمُتَطَفِّلِ. وَمِمَّا يَنْقُضُ هَذِهِ الأَحْكَامَ كُلَّهَا، وَيَقْضِي أَنَّهَا مُتَهَافِتَةٌ مُتَدَاعِيَةٌ: أَوَّلُ دَرْسٍ فِي عِلْمِ الْمُصْطَلَحِ، وَبِمَعْنَىً آخَرَ: أَوَّلُ مَا يُلْقَى عَلَى أَسْمَاعِ الْمَبْتَدِئِ فِي هَذَا الْعِلْمِ، فَهُوَ كَافٍ فِي كَشْفِ عَوَارِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الشَّوْهَاءِ، وَالْقَوَاعِدِ الْعَوْجَاءِ، وَالْخَطَأِ الْمُنْتَشِرِ، وَالْعَمَلِ الْمُبْتَسِرِ. فَقَدْ تَلَقَّنَ الْمُبْتَدِئُ أَوَّلَ مَا تَلَقَّنَ، بَلْ حَفِظَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ الصَّلاحِ أَنَّ «الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِالْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلا عِلَّةٍ»، ثُمَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ: «فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَةِ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ» .

1 / 4