قال: «نعم أعرفها، وإلى أين ذهبا؟ وكيف؟»
قالت: «حينما توهمت صدق ذلك الرسول، ورأيت مريم راغبة في الذهاب أذنت لها فيه، فركبت الجواد الأدهم وركبت ميمونة جوادا آخر، ومضوا نحو المعسكر.»
الفصل السادس والعشرون
البحث عن مريم
فوقف هانئ وهو ينتفض انتفاضا شديدا من شدة التأثر، والقهرمانة واقفة بين يديه وقلبها يخفق خوفا، وقد أخذت تخفف من غضبه قائلة: «لا بأس عليها يا بني إن ميمونة تحبها حبا شديدا، وأظنها تحرص عليها كثيرا اجلس وخفف عنك لا بأس عليها.»
فلم يلتفت هانئ إلى كلامها ولكنه ثاب إلى رشده وفكر فيما سمعه، فتذكر أن القهرمانة ذكرت والدة مريم، فظن أن للأمر سببا متصلا بسر تلك الوالدة منذ رأوها لأول مرة بعد فتح بوردو، وخيل له أن سالمة احتالت تلك الحيلة لاسترجاع ابنتها ولكنه تذكر القارورة، فرأى أن ذكرها لا ينطبق على ذلك الظن، فلم يدر ماذا يقول، فلما تشابه الأمر عليه، رأى أن يسرع إلى المعسكر للبحث عنها، فتذكر للحال أن الأمير بسطاما هناك، فتبادر إلى ذهنه أن الأمير المذكور هو الذي احتال هذه الحيلة لاختطاف مريم منه؛ لأنه لم يزل عالقا بها منذ يوم الفتح، فالتفت هانئ إلى القهرمانة وقال: «تقولين إنهما سارا نحو هذا المعسكر؟» وأشار إلى معسكرهم بالأمس.
قالت: «نعم يا مولاي.»
فأسرع إلى جواده فركبه وحول وجهته نحو ذلك المعسكر، وهمز الجواد وأطلق له العنان.
وقد عزم على أن يقتل بسطاما إذا رأى مريم عنده، ومع سرعة عدو الجواد فقد كان يحسبه واقفا.
وكان في المعسكر مضارب قليلة للغنائم، وحولها الحراس من رجال بسطام وغيرهم ولما أشرف عليهم هانئ رآهم يختصمون ويتضاربون وقد علا ضجيجهم، فلما رأوه تقدم بعضهم وهم يستغيثون فصاح فيهم: «ما الخبر؟»
Неизвестная страница