فقال: «ومن أنبأه أني هنا؟»
قال: «عرف ذلك من جوادك.»
أما القهرمانة فلم تكد تخرج من حجرتها ومريم معها حتى لقيها عبد الرحمن، وكانت مريم قد ازدادت بتلك البغتة احمرارا وتجلت دلائل الحب في عينيها مع ما يغشاهما من الدمع، فلما رأت الأمير عبد الرحمن استردت جأشها ووقفت للسلام عليه.
أما هو فحالما رآها، تذكر والدتها فخاطبها أولا ولم يلتفت إلى القهرمانة وقال: «مريم أين والدتك؟ هل سافرت؟»
قالت: «نعم يا مولاي سافرت في الصباح الباكر.» قالت ذلك بلثغتها المعهودة ولم يكن عبد الرحمن قد سمعها تتكلم بعد، فأعجبته تلك اللثغة، وكان لفرط ذكائه وصدق فراسته قد رأى على وجهها آثار البغتة وتذكر أنه رأى جواد هانئ بباب القهرمانة من الخارج فأدرك أن هانئا كان هناك معها، فتظاهر عبد الرحمن بعدم المبالاة، وليثبت عدم مبالاته خاطب القهرمانة ببرود وسذاجة قائلا: «وهل رجع الأمير هانئ؟»
فلما سمعت القهرمانة سؤاله لم تدر بماذا تجيبه وكاد يرتج عليها لو لم يتدارك الأمر هو بقوله: «ولكن لا بأس من ذهابه فإني سألقاه بعد رجوعي.» ثم مشى نحو مريم وهو يخاطب القهرمانة قائلا: «قد أوصيتك يا خالة بإكرام الضيفة، وأعيد التوصية الآن بأن تبالغي في رعايتها وإكرامها ولا تمنعي عنها شيئا ولا تدعيها تستوحش في هذا الخباء فإنها أعز نسائه عندي.»
فانبسطت نفس القهرمانة لذلك واطمأن بالها، وتبادر إلى ذهنها أن عبد الرحمن غافل عما حدث من أمر هانئ ومريم وقالت: «إني فاعلة حسب أمر مولاي والحقيقة أن مريم لا يراها أحد إلا أحبها وأكرمها.»
فقطع عبد الرحمن كلامها قائلا: «أين ميمونة؟ هل هي في غرفتها؟»
قالت: «أظنها هناك.» ومشت لتبحث عنها.
فقال لها عبد الرحمن: «امكثي هنا مع مريم أو امض بها إلى حيث تشائين، وأنا ذاهب إلى ميمونة فإني أعرف مكانها.»
Неизвестная страница