قال هانئ: «ليس في الحرب تعب إذا كانت خاتمتها النصر، كما كانت خاتمة حربنا مع هذه المدينة بعون الله وسيف الأمير عبد الرحمن.»
قال عبد الرحمن: «لم يكن لعبد الرحمن يد في هذا النصر، وإنما تم بك وبرجالك وسائر المسلمين، على أني لم أدعك للبحث في ذلك، وإنما دعوتك لأمر ذي بال فأعرني سمعك.»
فأصاخ هانئ بسمعه، وقال: «قل.»
قال عبد الرحمن: «هل تعلم ما الذي ساعد المسلمين على الفتح والنصر منذ أيام الصحابة حتى اليوم؟»
قال هانئ: «أعلم أن الله نصرهم بالاتحاد والتعاون، وهذا هو الأمر الذي تتوخاه في كل حركة من حركاتنا.»
قال عبد الرحمن: «أنا أعلم ذلك، وأعتقد أنك أكبر ساعد لي في جمع كلمة هذا الجند الضخم وهو مختلف المقاصد والأغراض، وتحتمل معي مضض التوفيق بين نزعاتهم المختلفة وميولهم المتناقضة، ولكن هناك سببا آخر ساعد السلف الصالحين على الفتح وأيد دولتهم أتعلم ما هو؟»
الفصل التاسع
عبد الرحمن وبسطام
فأطرق هانئ وأعمل فكرته، وعبد الرحمن يتفرس فيه كأنه يستعجل جوابه، فقال هانئ: «الذي أعلمه أن دولة الإسلام تأيدت بالعدل والرفق.»
فقطع عبد الرحمن كلامه، وقال: «ذلك هو بعينه؛ لأن العدل أساس الملك، والرفق بالرعية يدعوهم إلى الطاعة والمحبة وخصوصا أهل الذمة من النصارى واليهود، وعلى الأخص الرهبان والقسس أصحاب البيع والكنائس، فقد ورد في كتاب الله وفي حديث رسول الله
Неизвестная страница