Шарх Бухнир на учение Дарвина
شرح بخنر على مذهب دارون
Жанры
واكتشاف الطير العجيب الأركوبيتريكوس مكروروس حديثا، وصل بين طائفتين من الحيوان منفصلة إحداهما عن الأخرى انفصالا تاما؛ وهما: الطيور والحشرات.
2
وكثير من الجيولوجيين والزولوجيين (علماء طبائع الحيوان)، والبالنتولوجيين يبحث عن صور متوسطة بين نوعين موجودين، وذلك على رأي دارون خطأ؛ لأن الصور الحاضرة غير آت بعضها من بعض رأسا، بل كل منها منتهى سلسلة تحولات طويلة؛ ولذلك كان يقتضي إذا أريد الجمع بين صورتين معلومتين أن يبحث لهما لا عن صورة تجمع بينهما رأسا، بل عن أصل مشترك مجهول. مثال ذلك الحمام الطاووسي والحمام الغليظ العنق، فإنهما غير مشتقين بعضهما من بعض، بل من الحمام البري، وكل منهما يتصل فيه بصور متوسطة خاصة به. ولا يوجد صورة متوسطة بين الفرس والتابير، ومع ذلك فهما متحولان عن أصل مشترك مختلف عن كليهما، وقد اضمحل منذ زمان طويل. والصور الأربع الحاضرة الفرس والحمار وحمار الوحش والكواجا، لم يكتشف على صور متوسطة بينها تصلها بعضها ببعض رأسا، مع أنه يجمعها أصل واحد أحدث عهدا من الأصل السابق، وقد اضمحل أيضا. واعلم أن الصور الحاضرة كلما كانت مختلفة بعضها عن بعض جدا، كانت الأصول التي تجمعها بعيدة كذلك.
ومما يعز فهمه أن خصوم دارون كثيرا ما يفوتهم هذا الشرط المهم جدا، فيقولون لك مثلا: أتريد أن تقنعنا بأن الأسد يأتي من الحمار، والفيل من النمر؟
فلو كان مذهب دارون يعلمنا شيئا من ذلك، لوجب علينا أن نلحقه بغرائب العلم، ولكنه يترفع عن مثل هذه التهمة بما بسطناه من البيان السابق، وهو أن الصور الحية للعالم الحاضر لا يشتق بعضها من بعض، وإنما هي النتائج الأخيرة لتحول حاصل في أصل ماض بفعل الطبيعة البطيء في ملايين السنين. ويستحيل أن تتابع هذه الأصول؛ لأن كلا منها منتهى تحول طويل خاص به، على أنه لا يمتنع اجتماعها بعضها بجانب بعض على أرض واحدة، وفي وقت واحد،
3
كما تجتمع أوراق الأغصان المختلفة في الشجرة الواحدة، فلو أردنا البحث في أصل كل ورقة، لاقتضى أن نبحث عنه في الأغصان، بل في الفروع، بل في الساق، بل في كل جذر من جذور الشجرة على حدته. قال دارون في هذا المعنى ما نصه:
إن القاعدة التي تعلمنا أن الطفرة في الطبيعة محال، لا تصح إذا اقتصرنا على الأحياء التي تقطن الأرض اليوم، وإنما تصح إذا نظرنا إلى الماضي، وبحثنا عن أصل هذه الأحياء فيه؛ فإن بينها فراغا كبيرا، ولكنه ظاهري فقط لا حقيقي؛ لأن الصور المتوسطة التي كانت تصل بينها ماتت منذ زمان طويل.
وفي الجملة، فإن جميع الأصول المتعددة كانت في الماضي - كما قيل في المقالة السابقة - أقرب بعضها إلى بعض مما هي اليوم، وأما اليوم فقد تباعدت جدا متشععة حول الأصل الأول، وصار الفراغ بينها كبيرا أيضا كذلك.
والجواب الثاني هو قلة المعلوم لنا من الأرض، فإنه قد تقدم في المقالة السابقة أن المعلوم المستقصى منها يكاد لا يكون شيئا يذكر؛ ولذلك كان علمنا بالأحياء الأولى ناقصا جدا أيضا، فإن ثلاثة أرباع الأرض تحجبها المياه، والربع الباقي قسم كبير منه تغطيه الجبال، أو تحول دون استقصائه موانع أخرى شتى، وما بقي فلا نعرف عنه إلا القليل؛ فلا غرو إذا كانت سلسلة الأحياء تظهر لنا مقاطعة تفصلها فراغات عظيمة. وزد على ذلك أيضا أن الأحياء الحية لا تحفظ غالبا، وإذا حفظ منها شيء فبعضه، ولا بد له أيضا من أحوال خصوصية موافقة، فالأجسام الرخوة لا يبقى منها شيء، ولا يبقى من الأصداف والعظام أيضا إلا ما كان مدفونا في الأرض غير معرض للفساد. وقد ذكر ليل في كتابه قدم الجنس البشري مثالا على سرعة فساد البقايا، فقال: إنه في سنة 1853 لما تم تجفيف بحيرة هارلم لم يوجد فيها أثر لعظام بشرية، مع أنه قد حصل فيها حروب وغرق فيها مئات من الإسبانيول والهولانديين، وقطن على ضفاتها نحو 40000 نسمة مدة قرون، ولم يلتق فيها إلا بعض بقايا مراكب ودراهم وأسلحة وما شاكل.
Неизвестная страница