Шарх усул иттикад ахль ас-сунна (Мухаммад Хасан Абд аль-Гаффар)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار
Жанры
صلاح القلوب سبب لقبول التوبة وتكفير الذنوب
أعجب من ذلك الرجل الذي قتل مائة نفس، وهو بقتل نفس واحدة كفيل بأن يقتص منه فيقتل، أو يعذب في نار جهنم كما قال ابن عباس: (لا توبة لقاتل)، وجاء في حديث عن النبي ﷺ أنه قال: (ما يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)، مفهوم المخالفة: أن من أصاب دمًا حرامًا لم يجد فسحة في دينه، يعني: هو في الآخرة من الخسران بمكان، وهذا قتل مائة نفس، ومع ذلك كشف الله عن قلبه فوجده صادقًا تائبًا راجيًا رحمة ربه جل وعلا، نقيًا طاهر القلب، فمسح الله له كل هذه الأدران والجبال من المعاصي بعمل صغير يسير، هذا العمل هو أنه سأل عالمًا: (هل لي من توبة؟ قال: نعم لك توبة، اذهب إلى أرض كذا فإن فيها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، فذهب الرجل فمات قبل أن يصل إلى هذه الأرض، فاختصمت فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، قالت ملائكة العذاب: استحق النار لقتله مائة نفس ولم يعمل خيرًا قط، فقالت ملائكة الرحمة: تاب إلى ربه وأناب) فالله تعالى ينظر إلى القلوب كما قال النبي ﷺ في الصحيحين: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)، فالأصل أعمال القلوب وأعمال الجوارح تكون تبعًا، فالله تعالى نظر إلى قلب هذا الرجل فوجده تائبًا صادقًا خالصًا نقيًا لله جل وعلا.
(فأوصى إلى أرض التوبة أن تقترب، وإلى أرض المعصية أن تبتعد، ثم أمر ملكًا يأتيهم على صورة رجل ليحكم بينهم ويحل الإشكال، فقال لهم: قيسوا بينه وبين الأرض التي سار إليها، فإن كان أقرب إلى أرض التوبة فهو من أهل التوبة، وإن كان أقرب إلى أرض المعصية فهو من أهل المعصية).
هذه القصص لا أذكرها لنتسلى بها، بل لأبين لكم ما نحن فيه من عطب، وأن الأمة لا يمكن أن ترتفع من كبوتها إلا بنقاء هذه القلوب وبالصدق والإخلاص مع الله جل وعلا؛ لأن محل الكرامة والنصرة القلوب، والله جل وعلا ينظر إلى القلوب، فإن وجد قلبًا صادقًا طاهرًا قبل هذا العبد الذي هو من أصحاب القلوب الطاهرة.
وأعجب من هذه القصة بمراحل ما في الصحيحين من قصة امرأة من بني إسرائيل كانت تزني، فرأت كلبًا يلهث من شدة العطش، فسقته بموقها، فغفر الله لها؛ لأن الله علم نقاء قلبها، يقول الله جل وعلا: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال:٧٠]، وقال ﷿: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾ [الإسراء:٢٥] أي: بما في قلوبكم.
فالصالح التقي طاهر القلب، وإن بذل كل نفسه في المعاصي فإن الله سيختم له بالصالحات؛ لعلمه بأن هذا القلب طاهر؛ لأن النبي ﷺ يقول: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا).
فعلم الله طيب قلب هذه المرأة ونقائه وطهارته، لما وجدت الكلب بلغ منه العطش ما بلغ بها، وهي قد ارتوت، سقت هذا الكلب فشكر الله لها هذا العمل، وتقاطرت ماء السقيا على جبال ذنوب الزنا فهدمتها وجعلتها كثيبًا مهيلًا! إذًا: الله تعالى يزن الناس بنقاء القلب وطهارة القلب، أما سمعتم إلى حديث النبي ﷺ: (يدخل الجنة أناس أفئدتهم كأفئدة الطير) أي: في الرقة والتوكل والنقاء لله جل وعلا.
13 / 6