شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
Жанры
الدليل على المسائل الأربع الواجب تعلمها
بعد أن فرغ المؤلف ﵀ من ذكر هذه المسائل الأربع التي يجب تعلمها على كل أحدٍ قال: [وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر:١-٣] .
وهذا هو الدليل على وجوب تعلّم هذه المسائل، وهذه السورة هي سورة العصر، افتتحها الله جل وعلا بالقسم بالزمان الذي هو محل الأعمال، فقوله: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ الواو للقسم، والعصر هو المقسم به، والله جل وعلا يقسم بما شاء من مخلوقاته، فهو ﷾ يقسم بنفسه وبصفاته وبأفعاله، ويقسم بما شاء من مخلوقاته، ومن ذلك القسم ما أقسم به هنا، حيث أقسم ﷾ بالعصر وهو الزمان لبيان شرفه وعظم مكانته، ثم أتى بجواب القسم بقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، والإنسان هنا المراد به جنس الإنسان، فيشمل كل من اتصف بهذا الوصف.
(لَفِي خُسْرٍ) الخسر: ضد الربح، أي: لفي خسارة كخسارة التجار في أرباحهم، وقال: (لَفِي خُسْرٍ) ولم يقل: (خاسر) ليبين إحاطة الخسر به من كل مكان، فإن (في) تفيد الظرفية، فالخسر محيط بالإنسان من كل جوانبه، وفي القسم على هذا الأمر، وفي تأكيده بـ (إنَّ) التي تفيد التوكيد في قوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ دلالة واضحة على عظم الأمر، وأن الله أراد من هذا القول: شحذ الهمم للانفكاك من أسباب الخسارة، والأخذ بأسباب النجاة؛ فإن الله ﷾ بعد أن أقسم على هذا الأمر -وهو خسارة جنس الإنسان- بيَّن السبيل والطريق الذي يتخلص به الإنسان من هذه الخسارة.
والخسارة على درجات، فالخسارة المطلقة هي خسارة من خسر الدنيا والآخرة نعوذ بالله من ذلك، ودونها دركات كبيرة وكثيرة من الخسارة، لكن طريق النجاة موصوف وصفًا واضحًا بينًا في هذه السورة الكريمة في الاستثناء الذي ذكره الله ﷿ في قوله: (إلَّاْ الَّذِينَ آمَنُوا)، ولم يبين في الآية ما الذي يُؤمن به ليعم جميع ما يجب الإيمان به، فيكون المعنى: إلا الذين آمنوا بكل ما يجب الإيمان به مما يتعلق بالله ﷿، ومما يتعلق بملائكته، وما يتعلق بكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره وهل يمكن أن يتحقق الإيمان بلا علم؟ لا يمكن أن يكون إيمان بلا علم، فالإيمان فرع العلم وثمرته، ولذلك قال المؤلف ﵀ في المسائل التي تجب: الأولى: العلم ودليل العلم قوله تعالى: (إِلَّاْ الَّذِينَ آمَنُوا)، والدلالة على هذا باللازم، فاستثناء الذين آمنوا يدل لزامًا على وجوب العلم، فهذه دلالة باللازم؛ لأنه لا يمكن أن يحصل إيمانٌ إلا بعلم، فمن لوازم الإيمان أن يكون صاحبه عالمًا.
1 / 9