شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
Жанры
الدليل على شهادة أن محمدًا رسول الله
ثم انتقل المؤلف ﵀ إلى ذكر دليل الشهادة الثانية فقال: [وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:١٢٨]، وَمَعْنَى شَهَادَة (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ): طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجتناب ما عنه نهى وَزَجَرَ، وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ] .
هذا هو الركن الثاني من أركان شهادة ألا إله إلاّ الله، أو هذه أركان الشهادة التي يدخل بها الإنسان إلى الإسلام، وهو الشهادة للنبي محمد ﷺ بالرسالة، وسيأتي تفصيل من هو النبي في الأصل الثالث من الأصول التي ذكرها المؤلف ﵀، وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رءوف رَحِيمٌ﴾، فقوله: ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: من جنسكم.
وقيل: إن الخطاب لقريش.
فيكون معناها: من العرب، ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾، و(عزيز) إذا عدّيت بـ (على) كان معناها: الثقل والشدة.
أي: يثقل عليه ويشق عليه ويشتد عليه (مَا عَنِتُّمْ) يعني: الذي يتعبكم ويلحقكم فيه مشقة.
فهذا وصفه ﷺ بأنه عزيز عليه مشقة أمته وتعبهم.
(حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) والحرص: هو شدة الرغبة في الشيء.
وذلك أن النبي ﷺ كان حريصًا غاية الحرص على هداية قومه ودلالتهم على الحق والهدى، حتى إنه أدمي وجهه، وكسرت رباعيته، وشجّ رأسه، وكان يقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، وهذا من غاية حرصه وشفقته على الناس ﷺ، ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رءوف رَحِيمٌ)، وهذا خاص بأهل الإيمان تميزوا به عن غيرهم، فهو ﷺ بالمؤمنين رؤوف رحيم، والرأفة: هي رقة تنشأ عن الخوف على المرؤوف به.
والرحمة تقتضي الإحسان بالمرحوم، فالرأفة تقتضي دفع المكروهات، والرحمة تقتضي جلب المحمودات والمحاسن والمحبوبات، والشاهد من هذه الآية قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾، والذي جاءنا من أنفسنا هو محمد ﷺ الذي أخبرنا بهذه الآية، فهذا دليل من القرآن على رسالة النبي ﷺ، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون:١]، فأثبت علمه ﷾ برسالة الرسول ﷺ، بل لما طولب النبي ﷺ بدليل على رسالته قال له: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الإسراء:٩٦]، فاكتفى بشهادة الله ﷿ على إثبات رسالته، كما تقدم بيان ذلك فيما تقدم من دروس.
والله تعالى أعلم، وبالله التوفيق.
4 / 6