شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
Жанры
حكم من صرف شيئًا من العبادة لغير الله
قال ﵀: [فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ مشرك كافر] .
لا إشكال في ذلك، فمن صرف أيَّ نوعٍ من أنواع العبادات لغير الله ﷿ ولو أفرد بقية العبادات لله سبحانه وأخلصها له فإنه لا ينفعه، بل هو مشرك.
قال: [وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون:١١٧]] هذا دليل على عدم جواز صرف العبادة لغير الله ﷿، وأن من صرف شيئًا منها فقد كفر.
﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ فالشرط في قوله: ﴿وَمَنْ يَدْعُ﴾ جوابه في قوله: ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾، وهذا فيه التهديد والوعيد لكل من دعا غير الله ﷿، فمن يدعُ مع الله إلهًا آخر ملكًا مقربًا، أو نبيًا مرسلًا، أو حجرًا، أو صنمًا أو غير ذلك؛ فكل ذلك يدخل في هذه الآية، وفائدة قوله تعالى: ﴿لا بُرْهَانَ لَهُ﴾: أنه وصف كاشف، وفائدة الوصف الكاشف زيادة البيان والتوضيح على هؤلاء الذين صرفوا العبادة لغير الله، بأنهم صرفوها بلا بينة ولا برهان، وفي هذه الآية قال: ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾، ثم صرح بالحكم على هؤلاء فقال: ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾، فحكم عليهم بالكفر؛ لأن الخطاب فيمن دعا مع الله إلهًا آخر، فأخبر بأن حسابه عند ربه، وأنه لا يفلح الكافرون، فتبينت نتيجة الحساب، وهي عدم الفلاح، فنفى عنه تحصيل المطلوب والأمن من المرهوب.
وهذه الآية دالة، ووجه دلالتها على أن من صرف شيئًا فقد أشرك قوله: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾، فقوله: (إلهًا) نكرة في سياق الشرط، فتعم كل مدعو، وتعم أيضًا كل دعاء، فالعموم في المدعو وفي الفعل أيضًا، وهو الدعاء، واعلم أنه يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة، وقد ذكر شيخ الإسلام ﵀ قاعدة مفيدة، فقال: (حيثما رأيت الله ﷾ ذكر في كتابه دعاء الكفار والمشركين فاعلم أن المقصود به دعاء العبادة المتضمن دعاء المسألة)، فإذا ضبطت هذا الضابط واستحضرته أراحك فيما ذكره الله ﷿ من الدعاء والدعوة عن المشركين في كتابه؛ فإن المقصود به دعاء العبادة المتضمن لدعاء المسألة.
3 / 4