فائدة
: قال الخطيب البغدادى (١): أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثم نصف النهار، ثم الغداة، وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع، وأجود أماكن الحفظ كل موضع بعد عن الملهيات (٢)، وليس الحفظ بمحمود بحضرة النبات والخضرة والأنهار وقوارع الطرق؛ لأنها تمنع خلو القلب.
وينبغى أن يصبر على حدة (٣) شيخه وسوء خلقه، ولا يصده (٤) ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله (٥)، ويتأول لأفعاله (٦) التى ظاهرها الفساد تأويلات [حسنة] (٧) صحيحة.
وإذا جفاه الشيخ ابتدأ هو (٨) بالاعتذار (٩) وأظهر (١٠) الذنب له، والمعتب (١١) عليه، وقد قالوا: «من لم (١٢) يصبر [على] [جفاء شيخه] (١٣) وذل التعليم، بقى عمره فى عماية الجهل (١٤)، ومن [صبر] (١٥) عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا».
وعن أنس (١٦) - رضى الله تعالى عنه-: «ذللت طالبا فعززت مطلوبا».
_________
احتاج وعجز عن مؤنته، وفى الصحيحين عن أسامة بن زيد- رضى الله عنهما- عن النبى ﷺ قال:
«ما تركت بعدى فتنة هى أضرّ على الرّجال من النّساء» وفى صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه- عن النبى ﷺ قال: «إنّ الدّنيا حلوة خضرة، وإنّ الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتّقوا الدّنيا، واتّقوا النّساء، فإنّ أوّل فتنة بنى إسرائيل كانت فى النّساء».
وينبغى له أن يتواضع للعلم والمعلم، فبتواضعه يناله، وقد أمرنا بالتواضع مطلقا، فهنا أولى، وقد قالوا: العلم حرب للمتعالى، كالسيل حرب للمكان العالى، وينقاد لمعلمه، ويشاوره فى أموره، ويأتمر بأمره، كما ينقاد المريض لطبيب حاذق ناصح، وهذا أولى لتفاوت مرتبتهما، قالوا: ولا يأخذ العلم إلا ممن كملت أهليته، وظهرت ديانته، وتحققت معرفته، واشتهرت صيانته وسيادته؛ فقد قال ابن سيرين، ومالك، وخلائق من السلف: «هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم». ينظر المجموع (١/ ٦٥: ٧٠).
(١) هو أحمد بن على بن ثابت البغدادى أبو بكر المعروف بالخطيب: أحد الحفاظ المؤرخين المقدمين.
مولده فى «غزية» - بصيغة التصغير- منتصف الطريق بين الكوفة ومكة، ومنشأة ووفاته ببغداد. رحل إلى مكة وسمع بالبصرة والدينور والكوفة وغيرها. ينظر الأعلام (١/ ١٧٢) (٩٠٥).
(٢) فى ز: المنهيات.
(٣) فى ز، ص، م: جفوة.
(٤) فى د: ولا يمنعه.
(٥) فى ص: كلامه.
(٦) فى د: أفعاله.
(٧) سقط فى ز.
(٨) فى د: ابتدأه.
(٩) فى د: بالأعذار.
(١٠) فى د: وإظهار.
(١١) فى م، ص: والعيب.
(١٢) فى ص: من لا.
(١٣) زيادة من م.
(١٤) فى د، ص: الجهالة.
(١٥) بياض فى ص.
(١٦) فى م: أبى ذر. وأنس هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصارى النجارى، خدم النبى ﷺ عشر سنين. وذكر ابن سعد أنه شهد بدرا، له ألف ومائتا حديث وستة وثمانون حديثا. وروى عن طائفة من الصحابة. وعنه بنوه موسى والنضر وأبو بكر والحسن البصرى وثابت
1 / 43