ما الزوج؟ فيقول الاثنان، فيقال ما الاثنان؟ فيقول المنقسم بمتساويين، فيقال ما المنقسم بمتساويين؟ فيقال الزوج، وقد عرفنا الزوج بما لا يعرف إلا بعد معرفته بمراتب، فهو أشد فسادًا من القسم الأول.
وكان الخسروشاهي يجيب عن القسم الأول في تلك الحدود فيقول: هي صحيحة لأن الحد هو شرح ما دل اللفظ الأول عليه بطريق الإجمال فجاز أن يكون السائل يعرف معنى المعلوم ولا يعرف لفظ العلم لأي شيء وضع، فيسأل عن مسمى العلم ما هو.
فإذا قيل له هو معرفة المعلوم على ما هو به وهو يعلم مدلول هذه الألفاظ ويجهل مدلول لفظ العلم حصل مقصوده من غير دور، وكذلك القول في المأمور والمأمور به، وأما الإجمال في اللفظ فهو أن يقال ما العسجد؟ فيقال العين، مع أن العين لفظ مشترك بين الذهب وعين الماء وعين الشمس والحدقة وعين الميزان وغيرها، وكل مشترك مجمل فلا يحصل مقصود السائل من البيان، بل ينبغي أن يقول: هو الذهب.
وقال جماعة ممن تكلم عن الحد لا يجوز أن يدخل في لفظ الحد: المجاز، وقال الغزالي في مقدمة المستصفي «يجوز دخول المجاز إذا كان معروفًا بالقرائن الحالية أو المقالية لحصول البيان حينئذ فلا يختل المقصود، وإنما المحظور فوات المقصود من البيان» (١) .
وكذلك أقول أنا أيضًا في اللفظ المشترك أنه يجوز وقوعه في الحدود إذا كانت القرائن تدل على المراد به، فإنا إذا قلنا: العدد إما زوج أو فرد، فإنا لا نفهم من هذا الكلام إلا التنويع مع أن لفظة (أو) مشتركة بين خمسة أشياء؛ التخيير والإباحة والشك والإبهام والتنويع (٢)، وكذلك إذا قلنا العالم إمَّا جماد
_________
(١) أنظر المستصفي ص ٣٠ وما بعدها طبعة مكتبة الجندي.
(٢) المعروف أن أو حرف من حروف اعطف وتفيد هذه المعاني الخمسة التي ذكرها المؤلف فمثال التخيير: تزوج هندًا أو أختها. وهي اتي تأتي بعد الطلب فلا يجوز له الجمع بينهما ومثال الإباحة: ذاكر النحو أو الفقه. ومثال الشك قوله تعالى «لبثنا يومًا أو بعض يوم» ومثال الإبهام «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين» وقد ذكر له المتأخرون معاني انتهت إلى اثني عشر. أنظر حاشية العلامة الدسوقي صفحة ٦٥ وما بعدها.
1 / 9