الفصل الثامن في التخصيص
وهو إخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام أو ما يقوم مقامه، بدليل منفصل في الزمان إن كان المخصص لفظيًا، أو بالجنس إن كان عقليًا قبل تقرر حكمه، فقولنا أو ما يقوم مقامه احتراز من المفهوم فإنه يدخله التخصيص، وقولنا بالزمان احتراز من الاستثناء، وقولنا بالجنس لأن المخصص العقلي مقارن، وقولنا قبل تقرر حكمه احتراز من أن يعمل بالعام، فإن الإخراج بعد هذا يكون نسخًا.
دخول التخصيص للمفهوم كقوله ﵊ «إنما الماء من الماء» مفهومه أنه لا يجب الغسل من القبلة ولا جميع أنواع الاستمتاع إذا لم يكن فيه إنزال، خص من ذلك التقاء الختانين، وكذلك قوله ﵊ «إنما الربا في النسيئة» خص عن مفهومه ربا التفاضل، فإن السلب في المفهوم كعموم الثبوت في المنطوق، وإذا ثبت معنى العموم دخله الإخراج، وهو التخصيص، وهو لا يسمى عمومًا في الاصطلاح، فلذلك قال أو ما يقوم مقامه وهو المفهوم لدخول التخصيص فيه، والاستثناء لا يقع إلا متصلًا على الصحيح (١) والمخصص يجوز أن يتراخى عن العموم كنهيه ﵊ عن قتل النسوان وغيرهم بعد الأمر بقتل المشركين بزمان طويل، وهذا إذا وقع التخصيص بالملفظ، أما إذا وقع بالفعل، كما في قوله تعالى «الله خالق كل شيء (٢)» أو بالواقع كما في قوله تعالى «تدمر كل شيء (٣)» فإن الواقع المشاهد دل على أن الريح لم تدمر السموات
_________
(١) الاستثناء المتصل: ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه نحو: جاء القوم إلا عليًا (فعليًا) من جنس القوم.
(٢) ٦٢ الزمر وتمامها «وهو على كل شيء وكيل» .
(٣) ٣٥ الأحقاف.
1 / 51