المهمل إذا نطق به مرارًا دل على حياة المتكلم به بالعادة لا بالوضع، وليس مندرجًا في هذه الدلالات الثلاث، ولم أتعرض إلا للحصر في الدلالة الوضعية خاصة.
فإن قلت: فصيغة العموم مساهمًا كلية، ودلالتا على فرد منها خارجة عن الثلاث وهي وضعية؛ فإن صيغة المشركين تدل على زيد المشرك، وليس بالمطابقة؛ لأنه ليس كمال مسمى اللفظ ولا بالتضمن لأن التضمين دلالة اللفظ على جزء مسماه والجزء إنما يقابله الكل ومسمى صيغة العموم ليس كلًا، وإلا لتعذر الاستدلال بها على ثبوت حكمها لفرد من أفرادها في النفي أو النهي، فإنه لا يلزم من نفي المجموع نفي جزئه ولا من النهي عن المجموع النهي عن جزئه بخلاف الأمر لثبوت، وخبر الثبوت، فحينئذ مسمى العام كلية لا كل، والذي يقابل الكلية الجزئية لا الجزء لكنهم قالوا في دلالة التضمين هي دلالة اللفظ على جزء مسماه وهذا ليس جزءاَ فلا يدل اللفظ عليه تضمنًا ولا التزامًا؛ لأن الفرد إذا كان لازم المسمى وبقية الأفراد مثله، فأين المسمى حينئذ؟! فلا يدل اللفظ عليه التزامًا؛ فبطلت الدلالات الثلاث، مع أن الصيغة تدل بالوضع فما انحصرت دلالات الوضع في الثلاث.
قلت: هذا سؤال صعب وقد أورده في شرح المحصول وأجبت عنه بشيء فيه نكادة وفي النفس منه شيء.
والدلالة باللفظ هي استعمال اللفظ إما في موضوعه وهو الحقيقة أو غير موضعه وهو المجاز. والفرق بينهما أن هذه صفة للمتكلم والفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة، وتلك صفة للسامع وعلم أو ظن قائم بالقلب، ولهذه نوعان وهما الحقيقة والمجاز لا يعرضان لتلك، وأنواع تلك ثلاثة لا تعرض لهذه.
الباء في الدلالة باللفظ للاستعانة، لأن المتكلم يستعين بنطقه على إفهام السامع ما في نفسه فهي كالباء في كتبت بالقلم ونجرت بالقدوم، والتفرقة بين الدلالة باللفظ ودلالة اللفظ من مهمات مباحث الألفاظ، وقد ذكرت منها الفرق بينهما من ثلاثة أوجه، وفي شرح المحصول ذكرت خمسة عشر وجهًا، وهذه الثلاثة تكفي في هذا المختصر. وقولي أو في غير موضوعه وهو المجاز، يتعين أن يزاد فيه لعلاقة بينهما، فإن بدونهما لا مجاز، ووجه تنويع دلالة اللفظ إلى العلم أو الظن أن الإنسان إذا فهم من كلام إنسان معنى قد يقطع به وقد يظن من غير قطع، وهو كثير في الكلام.
1 / 26