317

Шарх Тальат аш-Шамс

شرح طلعة الشمس على الألفية

Жанры

عرف العدل بأنه: هو الذي يفعل جميع ما يجب عليه من أوامر ربه ويتجنب جميع المحرمات التي نهاه الله عنها فمن كان بهذه الصفة أعني مؤديا للواجبات ومجتنبا للمحرمات سمي عدلا ونقيا، ووجب قبول روايته وشهادته، وفوق درجة العدالة درجة الصلاح: وهي أن يفعل فوق الواجبات ما أمكنه من فعل المندوبات ويترك فوق المحرمات ما لا بأس به مخافة الوقوع فيما فيه بأس به، وأعلى من درجة الصلاح درجة الصديقية: وهي أن يسارع الرجل إلى فعل جميع الفضائل حسب طاقته ويترك فوق المحرمات ما لا بأس به لا لمخافة شيء من الأمور وهاتان الدرجتان زيادة فضل لصاحبهما، أما المشروط لغرضنا من قبول الرواية والشهادة فهي درجة العدالة لا غير، نعم إذا تعارضت رواية العدل ورواية من فوقه من الدرجات ولم يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه قدمت رواية من فوق العدل؛ لأن الظن بصدقه أقوى كما سيأتي في بيان الترجيح، فإذا علمت عدالة العدل قبلت روايته وشهادته، وإذا لم تعلم أخذ بقول المعدل فيها ويجزي في نقل التعديل قول الواحد العدل سواء كان ذلك في قبول الرواية أم الشهادة وكذلك التجريح أيضا، وبه قال عبد المالك والباقلاني وجماعة من الأصوليين واختاره صاحب المنهاج لأن كل واحد من التعديل والتجريح خبر لا شهادة والمعتبر في قبول الخبر حصول الظن بصدقه إذ لا سبيل إلى اليقين والظن بالعدالة والجرح يحصل بخبر العدل، وقال بعض المحدثين لا يثبت بخبر واحد في الرواية والشهادة لأن التعديل والجرح شهادة على المعدل والمجروح فاعتبر العدد وهو معنى قول المصنف: "وقيل فيه مثل الشاهد"، أي قيل إن المعدل مثل الشاهد فلا يجزي في التعديل نقل الواحد كما لا يجزي في الشهادة قبول شهادة الواحد وكذلك التجريح أيضا ورد هذا القول بأنه لا نسلم أنه شهادة بل خبر، ولا وجه للحكم عليهما بأنهما شهادة، إذ لا دليل على ذلك وليس من أخبر عن شخص

بكذا له حكم الشاهد إذ المطلوب الظن، وقال ابن الحاجب وغيره من الأصوليين إن الواحد مقبول في التعديل والتجريح في الرواية دون الشهادة لأن التعديل شرط فلا يزيد على مشروطه وقد قبل الواحد في الرواية فيجب أن يقبل الواحد في تعديله وجرحه بخلاف الشهادة فلم يقبل فيها إلا اثنان فوجب أن يعتبر في تعديلهما اثنان إذ لا يزيد الشرط عن المشروط كغيره من المشروطات ورد بأنه إنما اعتبر الشرع ظن الحاكم لعدالة الشهود وجرحهم، ولا شك أن الظن يحصل بالواحد كالاثنين فلا وجه لاعتبار الزيادة، واختار البدر الشماخي قبول قول الواحد في التعديل دون الجرح وهو قول سعيد بن المبشر فإنه قال: "يجوز التعديل بالواحد والتجريح باثنين"، كأنه نظر في ذلك إلى قبول الرواية بقول العدل الواحد دون البراءة فإنها لا تقبل على الصحيح عندنا إلا بعدلين والفرق بين باب الولاية والبراءة وبين التعديل والتجريح ظاهر إذ لا يلزم من طرح رواية الرجل أو رد شهادته ثبوت البراءة منه، وكذلك لا يلزم من قبول روايته أو شهادته ثبوت الولاية له على أن أصحابنا رحمهم الله تعالى لم يشترطوا في تعديل الشهود وتجريحهم غير معدل واحد ومثله الراوي لأنه أيسر حالا منه واشترطوا في البراءة عدلين على الصحيح فقولي في النظم لكنه باثنين في الصحيح مبني على ما اختاره البدر تقليدا له مني في حال النظم وقد أظهر لك أن الراجح خلافه والله أعلم، ثم إنه أخذ في بيان كيفية أداء التعديل والتجريح فقال:

وقيل في أداء هذا الوصف ... إطلاق نفس القول فيه يكفي

وقيل من ذي العلم يكفي وذهب ... بعضهم يجزي إذا أبدى السبب

Страница 39