Шарх Тальат аш-Шамс
شرح طلعة الشمس على الألفية
Жанры
القسم الثاني من قسمي مفهوم الخطاب: مفهوم المخالفة، وهو أن يخال المسكوت عنه حكم المنطوق به نحو: "في الغنم السائمة زكاة"، مفهومه: أن غير السائمة ليس فيها زكاة، فالسائمة منطوق به، وغير السائمة مسكوت عنه، وحكم المنطوق به هنا إيجاب الزكاة فيه، وحكم المسكوت عنه عدم إيجابها فيه، ويسمى هذا النوع: دليل الخطاب، وسماه بعضهم: لحن الخطاب أيضا، واختلفوا في كونه دليلا وحجة، أثبته قوم دليلا لفظيا من حيث اللغة، وقوم من حيث الشرع، وقالت الشافعية: هو حجة لغوية فيما عدا مفهوم اللقب؛ لأن مفهوم اللقب عندهم ليس بشيء؛ لأن اللقب يذكر دليلا أصلا لاستقامة الكلام به واختلاله بتركه، وما كان كذلك فلا مفهوم له، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وأنكر أبو حنيفة كون مفهوم المخالفة دليلا أصلا، وأثبت كثيرا من الأحكام الثابتة عند غيره بمفهوم المخالفة، وجعل ثبوتها من باب استصحاب حال الأصل في الإباحة الأصلية، مثال ذلك: عدم وجوب الزكاة في الغنم المعلوفة، فإن هذا الحكم عنده ثابت بالإباحة الأصلية، فإن الأصل عدم وجوب الزكاة رأسا، وحديث: "في الغنم السائمة زكاة"، إنما أوجب الزكاة في الغنم السائمة دون غيرها، فبقي ما عدا ذلك على أصله الأول، وكذلك عنده فيما عدا هذه الصورة، ووافقه على ذلك جماعة من يغر أهل مذهبه، وأنكر بعضهم بعض أنواع مفهوم المخالفة دون بعض، كما ستعرفه مما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأنكر قوم كون مفهوم المخالفة حجة في الخبر دون الإنشاء، فإن الخبر له خارج لا ينتفي بذكر بعض أفراده، والإنشاء لا خارج له، فقول القائل: في الشام الغنم السائمة، لا يدل عندهم على نفي وجود غير السائمة هنالك، بخلاف قوله: "في الغنم السائمة زكاة"، فإنه إنشاء معنى، ولا خارج له، واختار أصحابنا كونه حجة من حيث اللغة؛ لقول كثير من أئمة اللغة
منهم أبو عبيدة وعبيد تلميذه قالا في حديث الصحيحين: "مطل الغني ظلم"، أنه يدل على أن مطل غير الغني ليس بظلم، وهم إنما يقولون في مثل ذلكما يعرفونه من لسان العرب، وقد فهم - صلى الله عليه وسلم - من قوله: { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } (التوبة: 80)، أن حكم ما زاد على السبعين بخلاف حكمها، حيث قال: "خيرني الله، وسأزيده على السبعين"، وأن يعلى بن منبه قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : ما بالنا نقصر وقد أمنا، وقد قال تعالى: { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } (النساء: 101)، فقال عمر - رضي الله عنه - : تعجبت مما تعجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنما هي صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته"، ففهما نفي القصر حال عدم الخوف، وأقره - صلى الله عليه وسلم -، وأيضا فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا"، فلو لم يفهم أن ما دون السبع لا يطهره بل يطهر بالثلاث لم تكن السبع مطهرة؛ لأن تحصيل الحاصل محال.
واستدل المنكرون لحجية مفهوم المخالفة بأمور منها: - أنهم قالوا: لوثبت الأخذ بمفهوم احتاج في ثبوته إلى دليل، وهو إما عقلي، ولا مجال للعقل في ذلك، أو نقلي، فإما توتري أو آحادي، والتواتري لم يكن، والآحادي لا يؤخذ به في ذلك.
ورد: بأن المفهوم أمر لغوي يثبت بالآحادي، كنقل الأصمعي والخليل وأبي عبيد وسيبويه.
- ومنها أنهم قالوا: لو صح كون الوصف موضوعا بيفيد التقييد لما صح أن يرد لغير التقييد، والمعلوم أنه قد ورد لغير التقييد.
Страница 261