206

Шарх Тальат аш-Шамс

شرح طلعة الشمس على الألفية

Жанры

اعلم أن لفظ بل موضوع للإعراض عن المعطوف عليه مع تدارك الحكم، وثبوته للمعطوف سواء كان في حيز الإثبات، كقام زيد بل عمرو، ولا تضرب زيدا بل عمرا، أو في حيز النفي، كما جاء زيد بل عمرو، ولا تضرب زيدا بل عمرا، فالمعطوف عليه في هذه الأمثلة ونحوها إنما هو في حكم المسكوت عنه، بمعنى أنه لم يتعرض له بإثبات ولا نفي، وهذا معنى الإضراب، وإن فسره قوم بغير ذلك، وإذا وقع قبل بل لا كان نصا في نفي الأول، كجاء زيد لا بل عمرو، ثم إن هذا الإضراب إنما يكون فيما يحتمل الرجوع عنه، كالأخبار وبعض الإنشآت اللغوية، ولا يكون في الإنشآت الشرعية؛ لأنه لا يصح الرجوع عنها بعد ثبوتها، فقول القائل لزوجته: أنت طالق واحدة بل اثنتين يثبت به ثلاث طلقات؛ لأن قوله: أنت طالق واحدة إنشاء شرعي، لا يمكن الرجوع عنه، فهي تطليقة واحدة، وقوله: بل اثنتين تطليقتان أخريان، فيصير الجميع ثلاثا، وعليه ما في الأثر، فإن قال: أنت طالق غدا لا بل اليوم، فهي تطليقتان بخلاف ما إذا قال: علي لفلان درهم بل درهمان، فإنه إنما يجب عليه درهمان فقط؛ لأن المراد بمثل هذا الكلام عدة التدارك بنفي انفراد ما أقر به أولا، لا بنفي أصله، كيف وأصله داخل في الثاني!، ومثاله قولهم: سني ستون بل سبعون، فإن الستين داخلة في عدد السبعين، وهو إخبار يحتمل الرجوع عنه، وخالف زفر من قومنا في المسألة، فأوجب عليه ثلاثة دراهم، لأن بل للإعراض عن الأول وإبطاله، لكنه لا يملك إبطاله؛ فيلزمه ثلاثة، وكلامه مبني على قاعدة شهيرة بين الأصحاب، وهي قولهم: "لا إنكار بعد إقرار"، وما قدمت ذكره مبني على العرف و العادة، ولكل واحد منهما وجه في الحق، والله أعلم.

ثم إنما ذكرته في حكم بل إنما هو مختص بها فيما إذا عطفت مفردا على مفرد، أما إذا وقع بعدها جملة؛ فهي إما للإبطال لما وليته، نحو: { أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق } (المؤمنون: 70)، فالجائي بالحق لا جنون به، أو للإنتقال من غرض إلى آخر، نحو: { ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا } (المؤمنون: 62-63)، فما قبل بل فيه على حاله، والله أعلم.

ثم إنه أخذ في بيان حكم لكن مخففة النون، فقال:

لكن لاستدراك ما توهما ... من الخطاب نفيه ملتزما

Страница 229