Шарх Тальат аш-Шамс
شرح طلعة الشمس على الألفية
Жанры
* وقد تكون للتعليل، فتدخل تارة على حكم العلة، نحو دخل الشتاء فتأهب، وتخص فيه باسم: السببية، فيقال لها: فاء السببية، وتدخل تارة على نفس العلة إذا دامت تلك العلة، كما يقال لمن هو في قيد ظالم: أبشر فقد أتاك الغوث، فإن الغوث بعد ابتداء الإبشار باق، وهو علة للإبشار، وتسمى في هذا المواضع: فاء التعليل، وهي في الحالين غير خارجة عن حكم التعقيب خلافا لمن زعم أن فاء السببية لا تستلزم التعقيب، مستدلا بصحة قولك: إن يسلم فهو يدخل الجنة، ومعلوم ما بينهما من المهلة. وأجيب: بأن الفاء في ذلك بمعنى: ثم مجازا، كما في قوله تعالى: { ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما } (المؤمنون: 14).
وقد فرعت الحنفية على كل واحد من فاء السببية وفاء التعليل فروعا، فمن تفريعهم على فاء السببية قول القائل: فهو حر، في جواب من قال: بعت منك هذا العبد بكذا، قالوا: هو قبول للبيع وإعتاق للعبد؛ لأنه ذكر الحرية بحرف الفاء عقيب الإيجاب، وهي للترتيب، ولا يترتب العتق على الإيجاب إلا بعد ثبوت القبول؛ فيثبت ذلك بطريق الاقتضاء، بخلاف ما إذا قال: هو حر، بلا فاء، أو هو حر، بالواو؛ فإن قوله بذلك لا يوجب قبولا للبيع لعدم ما يفيد التعقيب، ومن ذلك أيضا ما قالوه فيمن قال لخياط: انظر إلى هذا الثوب أيكفيني قميصا، فنظر، فقال: نعم، فقال: فاقطعه، فقطعه، فإذا هو لا يكفيه، قالوا: إن الخياط يضمن ما نقص؛ لأن الفاء للتعقيب، فبذكره يتبين أنه شارط للكفاية في القطع؛ لأنه أمره بقطع مرتب على الكفاية، فصار كأنه قال: إن كفاني قميصا فاقطعه، والمعلق بالشرط معدوم قبل وجوده، فإذا لم يكفه كان القطع بغير إذنه، فيكون ضامنا، بخلاف ما لو قال: اقطعه، فقطعه وهو لا يكفيه؛ فإنه لا يضمن.
Страница 225