177

Шарх Тальат аш-Шамс

شرح طلعة الشمس على الألفية

Жанры

النوع الثالث: الحقيقة اللغوية وهي اللفظ المستعمل في أصل ما وضعته له العرب كالإنسان لابن آدم، والدابة لكل ما يدب والأسد للحيوان المخصوص، والحجر للجماد المعروف، وغير ذلك، فهذه الأشياء، ونحوها، قد استعملتها العرب فيما وضعت له في الأصل فهي حقيقة لغوية، وهي أصل الحقائق، فحقها التقديم في الوضع، ثم تعقب بالشرعية، ثم العرفية كما صنع ذلك كثير من المؤلفين، لكن عدل عن هذا الصنيع إلى ما ترى مراعاة لترتيب النظم، وإنما كان ترتيب النظم على ما ترى إشارة إلى أنه إذا تعارضت الحقائق الثلاث بمعنى أنه إذا ورد في كلام الشارع ما هو حقيقة في الشرع لمعنى، وفي كل واحد من العرف، واللغة لمعنى آخر، فإنه يقدم المعنى الشرعي، وكذلك إذا تعارضت الحقيقة العرفية، والحقيقة اللغوية، فالمقدم منهما الحقيقة العرفية مثال ذلك إذا حالف حالف لا يأكل اللحم، فأكل السمك، فإن الراجح عندنا أنه لا يحنث؛ لأن عرفنا خصص اسم اللحم باللحم البري دون البحري، وإن كان في اللغة اسم اللحم شاملا لهما جميعا، وزاد قوم الحقيقة الدينية كالفاسق فإنه عندنا اسم لمرتكب الكبيرة مطلقا، وعند المعتزلة اسم لمرتكب كبيرة غير الشرك، فهو حقيقة عند كل واحدة من الطائفتين في المعنى الذي جعلوه له، وكذلك المؤمن فإنه حقيقة عندنا وعند المعتزلة فيمن أوفى بالواجبات عليه دينا، وهكذا وعند التحقيق يرجع هذا القسم إلى الحقيقة العرفية فإنه نوع منها، وأنكر بعضهم إمكان الحقيقة الشرعية، قال المنهاج: ولا أظن أن هؤلاء القوم إلا الذين زعموا أن بين الاسماء ومسمياتها مناسبة ذاتية، وأنكر القاضي أبو بكر الباقلاني، والقشيري، وقوعها فقط، وقد صححا أنها ممكنة، وتوقف الآمدي في وقوعها لتعارض الأدلة، وسبب إنكار من أنكر إمكان الحقيقة الشرعية، ومن أنكر وقوعها فقط إنما هو إنكار النقل للفظ عن معناه الأصلي إلى معنى آخر؛ لأنه يقبح عندهم ذلك، ولا مصلحة فيه على زعمهم، ونحن نقول إن النقل إذا

كان لغرض فلا قبح فيه كالغائظ لما نقل إلى الشيء المعروف، وكان أصله للمكان المنخفض، والغرض في نقله هو استسماج النطق باسم ذلك الشيء فعدلوا إلى ما هو أحسن منه لفظا مع ما بينهما من المناسبة لكون المكان المنخفض ظرفا لذلك الحدث، وكالدابة لما نقلت الأربع، خاصة لكثرة الدبيب فيها دون غيرها من الحيوانات، وأن الفائدة في نحو هذا غير مجهولة، وأيضا فالشرع قد شرع أشياء حسن أن يضع لها أسماء، إما مرتجلة، وإما منقولة، كالصلاة للعبادات المخصوصة، والحجة لنا على صحة النقل ووقوعه هو ما تقدم ذكره من الصلاة ونحوها، وأنها كانت لمعان غير ما نقلت إليه، والوقوع دليل الصحة، احتج المنكرون لإمكانها بأنه لو سلب الاسم عن معناه وعوض غيره انقلبت الحقائق.

Страница 196