231

Шарх Сияр Кабир

شرح السير الكبير

Издатель

الشركة الشرقية للإعلانات

Год публикации

1390 AH

- فَإِنَّ جَابِرًا رَوَى «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُصَلِّ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ» . وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ يَرْوُونَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ. حَتَّى رَوَوْا «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ ﵁ سَبْعِينَ صَلَاةً، كَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كُلَّمَا أَتَى رَجُلٌ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى حَمْزَةَ مَعَهُ» . وَكَانَ جَابِرٌ ﵁ يَوْمَئِذٍ قُتِلَ أَبُوهُ وَخَالُهُ. فَكَانَ مَشْغُولًا بِهِمَا، لَمْ يَشْهَدْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى الشُّهَدَاءِ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ حَمَلَهُمَا إلَى الْمَدِينَةِ «فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ» . فَرَدَّهُمَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ تَوَهُّمَ الْغَلَطِ فِي رِوَايَتِهِ أَظْهَرُ.
- ثُمَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ اسْتِغْفَارٌ لَهُ وَتَرَحُّمٌ عَلَيْهِ، وَالشَّهِيدُ يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَرَامَةً لَهُ، وَالشَّهِيدُ أَوْلَى بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ. وَلَا إشْكَالَ أَنَّ دَرَجَةَ الشَّهِيدِ دُونَ دَرَجَةِ مَنْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَقَدْ صَلَّى عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ، فَعَلِمَنَا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الشَّهِيدُ دَرَجَةً يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ اسْتِغْفَارِ الْمُؤْمِنِينَ وَالدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ لَهُ. وَمَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ إنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ بِالنَّصِّ وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْحَيِّ فَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ حَيٌّ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَأَمَّا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَهُوَ مَيِّتٌ فِي حَقِّنَا، يُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ، وَيَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ لِيَكُونَ مَا عَلَيْهِ شَاهِدًا لَهُ عَلَى خَصْمِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

1 / 231