والمزيد فيه وأبنية المضارع منها وأبنية الأمر وأبنية الفاعل والمفعول تصريفٌ بلا خلاف، مع أنه علم بأصول تُعْرَفُ به أبنية الكلم، لا أحوال أبنيتها، فإن أراد
أن الماضي والمضارع (مثلًا) حالان طارئان على بناء المصادر ففيه بُعْد، لأنهما بناءان مستَأْنَفَان بُنِيا بعدَ هَدْمِ بناء المصدر، ولو سلمنا ذلك فلم عَدَّ المصادر في أحوال الأبنية؟ فإن القانون الذي تُعْرَفُ به أبنيتها تصريفٌ، وليس يعرف به حال بناء، والماضي والمضارعُ والأمرُ وغيرُ ذلك مما مر كما أنها ليس بأحوال الأبنية ليست بأبنية أيضًا على الحقيقة، بل هي أشياء ذوات أبنية، على ما ذكرنا من تفسير البناء، بلى قد يقال لضَرَبَ مثلًا: هذا بناء حالُهُ كذا، مجازًا، ولا يقال أبدًا: إن ضَرَبَ حالُ بناء، وإنما يدخل في أحوال الأبنية الابتداء، والإمالةُ، وتَخفيفُ الهمزة، والإعلال، والإبدال، والحذف، وبعض الإدغام، وهو إدغام بعض حروف الكلمة في بعض، وأما نحو " قُل لَّه " فالإدغام فيه ليس من أحوال البناء، لأن البناء على ما فسرناه لم يتغير به، وكذا بعض التقاء الساكنين، وهو إذا كان الساكنان من كلمة كما في قُلْ وأصله قُوْلْ، وأما التقاؤهما في نحو " اضْرِبِ الرجل " فليس حالًا لبناء الكلمة، إذ البناء - كما ذكرنا - يعتبر بالحركات وَالسكنات التي قبل الحرف الأخير، فهذه المذكورات أحوال الأبنية، وباقي ما ذكر هو الأبنية، الا الوقف والتقاء الساكنين في كلمتين والإدغام فيهما، فإن هذه الثلاثة لا أبنية ولا أحوال أبنية.
قوله " التي ليست بإعراب " لم يكن محتاجًا إليه، لأن بناء الكلمة - كما ذكرنا - لا يعتبر فيه حالات آخر الكلمة، والإعراب طارٍ على آخر حروف الكلمة، فلم يدخل إذن في أحوال الأبنية حتى يجترز عنه، وإن دخل (١) فاحتاج إلى الاحتراز فكذا البناء، فهلاَّ احترز عنه أيضا؟ !
_________
(١) قول الشارح المحقق " وإن دخل فاحتاج إلى الاحتراز فكذا البناء فهلا " (*)
1 / 5