239
وقول المصنف " حذفت الأخيرة نسيًا على الأفصح " يومى إلى أنه لا تحذف غلى غير الأفصح، وليس كذلك، بل الواجب في الياء المقيدة بالقيود المذكورة الحذف اتفاقًا، إلا في نحو أحَيّ مما في أوله شبه حرف المضارعة، فإن أبا عمرو لا يحذفها نَسْيًا كما مر، قال السيرافي: تقول في عطاء: عُطَيّ، وفي قضاء قُضَيّ، وفي سِقاية سقية، وفي إداوة أَدَيَّة، ثم قال: فهذا لا يجوز فيه غيره، وقال ابن خروف في مثله: إن القياس إعلاله إعلال قاض، لكن المسموع حذف الثالثة نَسْيًا، بل قال الأندلسي والجوهري: إن ترك الحذف مذهب الكوفيين، وأنا أرى ما نسبا إليهم وَهَمًا منهما وكذا تحذف الياء المشددة المتطرفة الواقعة بعد ياء مشددة، إذا لم يكن الثانية للنسبة كما إذا صغرت مَرْوِية اسم مفعول من رَوَى قلت: مُرَية، والأصل مُرَيّيّة، وكذا تصغر أرْوِيَّة فيمن قال إنها أفْعُولَةٌ، وأما من قال فُعْلِيَّةٌ والياء

الصرف لقوة سبب الاعلال وسر ما ذهب إليه أن الاسم بعد الاعلال لم يبق على صيغة أقصى الجوع، ويمنع بأن الياء الساقطة في حكم الثابت بدليل كسرد الراء، وكل ما حذف لاعلال موجب فهو بمنزلة الباقي.
وقال المبرد التنوين عوض من حركة الياء، ومنع الصرف مقدم على الاعلال، وقال سيبويه والخليل: إن التنوين عوض من الياء واختلف في تفسير هذا القول ففسره بعضهم بأن منع الصرف مقدم الى الاعلال وفسره السيرافي
بأن الاعلال مقدم على منع الصرف فالتنوين عوض من الياء، بخلاف نحو أحوى وأشقى، فانه قدم الاعلال في مثلهما أيضا ووجد علة منع الصرف بعد الاعلال حاصلة: لان ألف أحوى المنون ثابت تقديرا، فهو على وزن أفعل، فحذف تنوين الصرف، لكن لم يعوض التنوين من الالف المحذوفة ولا من حركة اللام، كما فعل في جواز، لان أحوى بالالف أخف منه بالتنوين، وأما جوار فهو بالتنوين أخف منه بالياء، والخفة اللفظية مقصودة في غير المنصرف بقدر ما يمكن، تنبيها بذلك على ثقله المعنوي بكونه متصفا بالفرعين " اه (*)

1 / 235