شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي
شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي
Жанры
ما جاء في إباحة الوضوء من الركوة والقعب
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب إباحة الوضوء من الركوة والقعب.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي أخبرنا هشيم أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: (عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله ﷺ بين يديه ركوة يتوضأ منها، إذ جهش الناس نحوه، قال: فقال: ما لكم؟ قالوا: ما لنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، قال: فوضع يديه في الركوة ودعا بما شاء الله أن يدعو، قال: فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، قال: قلت لـ جابر: كم كنتم؟ قال: كنا خمس عشرة مائة، ولو كنا مائة ألف لكفانا)].
الله أكبر من أعلام النبوة، وأنه رسول الله حقًا، حيث نبع الماء من بين أصابعه، والركوة: هي شيء يصنع من الجلد.
وفيه: أنهم في غزوة الحديبية كانوا ألفًا وخمسمائة، وكان النبي ﷺ يتوضأ فجهش الناس إليه، يعني: جاءوا كأنهم يشكون من الحالة التي هم عليها، فلما رآهم رسول الله ﷺ قال: (ما لكم؟ قالوا: ما عندنا ماء إلا ما بين يديك، فوضع يديه في الماء فجعل يفور الماء بين أصابعه أمثال العيون حتى توضئوا وشربوا) هذا من دلائل النبوة، ومن دلائل قدرة الله العظيمة.
وفيه: دليل على جواز الوضوء من الركوة المصنوعة من الجلد، وأن الأصل فيها الطهارة، كذلك المصنوعة من الخشب أو من الحجر أو من الزجاج أو من الخزف، إلا الذهب والفضة فلا يجوز.
قال: [أخبرنا محمد بن رافع أخبرنا وهب بن جرير أخبرنا شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال: (أتي رسول الله ﷺ بقعب صغير، فتوضأ منه، فقلت لـ أنس: أكان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم، قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات بالوضوء)].
القعب: كأنه إناء من خشب، ففيه: أنه لا بأس بالوضوء من إناء سواء كان من خشب أو من زجاج أو حجر أو حديد أو نحاس أو رصاص، إلا الذهب والفضة فلا يجوز.
وفيه: أن النبي ﷺ توضأ عند كل صلاة، لكن ثبت (عن النبي ﷺ يوم الفتح أنه صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد، فسأله عمر فقال: يا رسول الله! فعلت شيئًا لم تفعله، قال: عمدًا فعلته يا عمر) وهذا لبيان الجواز، ولا بأس للإنسان أن يصلي صلاتين أو ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا أو ستًا بوضوء واحد، وجاء في بعضها: (أنه صلى ست صلوات بوضوء واحد)، وإن توضأ المرء لكل لصلاة فهو أفضل.
هذا الحديث أخرجه البخاري.
8 / 9