Шарх Рисала Насиха
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Жанры
[الدلالة من العقل على وجوب استجابة دعوة الأنبياء على رب
العالمين]
وما يدل على وجوب إستجابة دعوة الأنبياء على رب العالمين بدلالة العقل: أن مراده تعالى في بعثتهم أن يتبعهم العالمون، ولا ينكر ذلك أحد من المسلمين، فلو لم يستجب دعوتهم لنفر ذلك عنهم الراغبين، والمصغين إليهم من المسترشدين، وذلك يعود على مراده في بعثهم بالنقض والإبطال؛ وذلك لا يجوز ، لأنه يكون عبثا، والعبث قبيح، والله -تعالى- لا يفعل القبيح على ما ذلك مقرر في كتب علم الكلام.
ومثاله في الشاهد: أن رجلا لو أتى إلينا وادعا أنه خاصة الملك
وأتى على ذلك بالشهود، ثم رأيناه يسأل الملك أمرا هو عليه هين ولا مانع له منه، ثم لم يعطه إياه ولا يقبل عليه فيه، فإنه يسقط من أعيننا، ومنزلته لدينا، وإن كان الملك قد صدقه في دعواه الأولة بحضرتنا علمنا أنه قد بدى له منه ما يوجب الإستخفاف به، فيكون ذلك أقوى للصرف عن الإتباع له؛ والإصغاء إليه، ومثل ذلك لا يجوز عليه تعالى.
[شبهة في دعاء إبراهيم لآزر والجواب عليها]
فإن قيل: أفليس قد دعا إبراهيم -عليه السلام- لأبيه فلم تستجب دعوته؟!.
قلنا: إنما دعا لأبيه مشروطا بسلامة الحال، والإستمرار على
الإنابة إلى ذي الجلال، وذلك ظاهر؛ لأنه سبحانه أخبر أن دعاه كان لوعده له أنه إن دعى([6]) له تاب إلى الله -تعالى- فلما علم خليله أن وعده مدخول، وعزمه منقوض، وأنه لا خير فيه، فتبرأ عنه عند ذلك وأبدى له البغضاء، وأوصل إليه -عليه السلام- ما أمكنه من منافع الدنيا، والدعاء المشروط لا يجاب إلا بعد الإتيان بالشرط، فافهم ما سألت عنه موفقا.
[شبهة؛ هل تقف أفعاله تعالى على شروط تحصل من قبلنا؟ والجواب عليها]
فإن قيل: كيف يقف ما ذكرتم من إلحاق الله -سبحانه وتعالى- للأبناء بالآباء كما ذكرتم في أحكام الدنيا على شرط؟، وهل تقف أفعاله تعالى على شروط تحصل من قبلنا؟.
Страница 105