الدأب والعادة،
والكاف متعلقة بقوله: قفا نبك، كأنه قال: قفا نبك كعادتك في البكاء، والكاف في موضع نصب، والمعنى بكاء مثل عادتك، ويجوز أن تكون الكاف متعلقة بشفائي، ويكون التقدير: كعادتك في أن تشتفي من أم الحويرث، والباء في قوله (بمأسل) متعلقة بقوله كدأبك، كأنه قال: كعادتك بمأسل، ومأسل: موضع، وأم الحويرث: هي هر أم الحارث بن حصين بن ضمضم الكلبي، وأم الرباب: من كلب ايضا، يقول: لقيت من وقوفك على هذه الديار وتذكرك أهلها كما لقيت من أم الحويرث وجارتها، وقيل: المعنى إنك أصابك من التعب والنصب من هذه المرأة كما أصابك من هاتين المرأتين.
(إذا قَامَتَا تَضَوّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا ... نَسِمَ الصَّبَا جَاَءتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ)
المسك يذكر ويؤنث، وكذلك العنبر، وقيل: من أنث إنما ذهب به إلى معنى الريح، ومن أنث فروايته (تضوع المسك منهما) يريد تتضوع، فحذف إحدى التاءين، ومعنى تضوع أي فاح متفرقا، ونصب (نسيم الصبا) لأنه قام مقام نعت لمصدر محذوف، التقدير: تضوع المسك منهما تضوعا مثل نسيم الصا، وقيل: نسيم نصب على المصدر، كأنه في التقدير تنسم تنسُّم الصبا، ونسيم الصبا: تنسمها، وريا القرنفل: رائحته، ولا يكون الريا إلا ريحا طيبة، ويروى (إذا التفتت نحوي تضوع ريحها، البيت) وجعل ابن الانباري (جاءت) صلة الصبا، وقال: إنما جاز أن توصل الصبا لأن هبوبها يختلف فيصير بمنزلة المجهول، فتوصل كما توصل الذي، قال الله ﷿: (كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أسْفَارًا)، فيحمل صلة الحمار، والتقدير: كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا، وهذا الذي يذكره ينكره البصريون؛ لأنهم قالوا: أنا لا نجد في كلام العرب اسما موصولا محذوفا وصلته مبقاة، ويجعلون مثل هذا حالا، فإذا كان الفعل ماضيا قدَّروا معه قد.
1 / 11